فصاح بِهِ: لَا تفعل، والحقني إِلَى دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ وَسَار خُزَيْمَة، فَدخل دَار الرشيد، ودخلنا مَعَه إِلَى حَيْثُ جرت عادتنا أَن نبلغه من الدَّار، فَجَلَسْنَا فِيهِ، وَمضى خُزَيْمَة يُرِيد الْخَلِيفَة، وَجَاء حَامِد فَجَلَسَ إِلَى جَانِبي.
فَقلت لَهُ: أصدقني عَن خبرك، وَالسَّبَب فِي جسارتك على خُزَيْمَة، وَلينه لَك بعد الغلظة، وعرفته مَا جرى بيني وَبَين خُزَيْمَة ثَانِيًا.
فَقَالَ: طب نفسا، فَمَا أبدي لَك شَيْئا إِلَّا بعد بُلُوغ آخر الْأَمر.
فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك، إِذْ دعِي حَامِد إِلَى حَيْثُ كَانَ مرسوما بِأَن يدْخلهُ من يخلع عَلَيْهِ، فتحيرت فَلم يكن بأسرع من أَن خرج وَعَلِيهِ الْخلْع، وَبَين يَدَيْهِ لِوَاء قد عقد لَهُ على طَرِيق الْفُرَات بأسره، فَقُمْت إِلَيْهِ وهنأته.
وَقلت: وَلَا السَّاعَة تُخبرنِي الْخَبَر؟ فَقَالَ: مَا فَاتَ شَيْء، وودعني وَمضى، فأقمت بمكاني إِلَى أَن خرج خُزَيْمَة، فسرت مَعَه إِلَى دَاره، فَلَمَّا اسْتَقر دَعَاني، فَسَأَلَنِي عَن أُمُور جرت.
وَقَالَ: أَظُنك أنْكرت مَا جرى من أَمر حَامِد؟ قلت: إِي وَالله، أَيهَا الْأَمِير.
قَالَ: فاسمع الْخَبَر، اعْلَم أَنِّي كنت فِي نِهَايَة الغيظ عَلَيْهِ، وَأمرت فِيهِ بِمَا عملته أمس، فَلَمَّا كَانَ البارحة، رَأَيْته فِي النّوم، كَأَنَّهُ قَائِم يُصَلِّي، وَقد رفع يَدَيْهِ إِلَى الله يَدْعُو عليَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute