فَقَالَ: كذبت، هُوَ مَعَك فِي إصطبلك، فَأخْرجهُ السَّاعَة عَن الْبَلَد، فَإِنِّي قد رَأَيْته البارحة فِي النّوم، وَفِي يَده مكنسة، وَهُوَ يكنس بِهِ سَائِر حجري وداري، ونسأل الله الْكِفَايَة.
فَقلت للؤلؤ: وَأي ذَنْب لَيْسَ يَا سَيِّدي فِي الأحلام؟ فَقَالَ لي: صدقت، فاستتر إِلَى أَن يتناسى الْأَمِير ذكرك، فَفعلت، وَكَانَ يجْرِي عَليّ ذَلِك الرزق، وَأَنا لَا أعمل شَيْئا.
فَلَمَّا تهَيَّأ من إِنْفَاذ لُؤْلُؤ إِلَى الشَّام مَا تهَيَّأ، نهضت مَعَه، وتخلف عَنهُ كِتَابه، لما كَانُوا علموه من تغير حَاله عِنْد صَاحبه، فأدناني، وقربني، وأجرى عَليّ فِي كل شهر عشرَة دَنَانِير، وحملني على دَابَّة وبغل، فلزمت خدمته، وكفيته، واستحمدت إِلَيْهِ، فزادني من رَأْيه، وَلم ينْتَه إِلَى الْعَريش، حَتَّى تنبه أَحْمد بن طولون على استيحاش لُؤْلُؤ، فَكتب إِلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى مصر، فشاورني، فأشرت عَلَيْهِ بالانحدار إِلَى نواحي ديار مُضر، وَأخذ مَا يستهدف لَهُ من المَال، وَلم أترك غَايَة إِلَّا أتيتها فِي تضريبه وتأليبه، حَتَّى أوردته مَدِينَة السَّلَام.
ثمَّ تقلبت بِي الْأَحْوَال فِي خدمَة السُّلْطَان، وخدمة الدول، وَتُوفِّي أَحْمد بن طولون، وَقتل أَبُو الْجَيْش، وجيش ابْنه، وَتَوَلَّى بعدهمْ هَارُون بن خمارويه،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute