وَكَانَ يَوْمًا حارا، فَنزلت إِلَى دجلة، فتغسلت، وصعدت، فابتل مَوضِع قدمي، فَقلعت رجْلي قِطْعَة من الرمل، انكشفت عَن سير.
فَلبِست ثِيَابِي، وَجَلَست مفكرا أولع بالسير، فَلم أزل أجره حَتَّى ظهر لي هميان مَوْصُول بِهِ، فَأَخَذته، فَإِذا هُوَ مَمْلُوء دَنَانِير، فأخفيته تَحت ثِيَابِي، ووافيت منزلي، فَإِذا فِيهِ ألف دِينَار.
فَقَوِيت نَفسِي قُوَّة شَدِيدَة، وعاهدت الله عز وَجل، أَنه مَتى صلحت حَالي، وعادت، أَن أعرف الْهِمْيَان، فَمن أَعْطَانِي صفته، رَددته عَلَيْهِ.
واحتفظت بالهميان، وأصلحت أَمْرِي مَعَ غرمائي، وَفتحت دكاني، وعدت إِلَى رسمي من التِّجَارَة والسمسرة، فَمَا مَضَت إِلَّا ثَلَاث سِنِين حَتَّى حصل فِي ملكي أُلُوف دَنَانِير.
وَجَاء الْحَج، فتتبعتهم لأعرف الْهِمْيَان، فَلم أجد من يُعْطِنِي صفته، فعدت إِلَى دكاني.
فَبَيْنَمَا أَنا جَالس، إِذا رجل قَائِم حِيَال دكاني، أَشْعَث، أغبر، وافي السبال، فِي خلقَة سُؤال الخراسانية، وزيهم، فظننته سَائِلًا، فأومأت إِلَى دريهمات لأعطيه، فأسرع الِانْصِرَاف، فارتبت بِهِ، فَقُمْت، وَلَحِقتهُ، وتأملته، فَإِذا هُوَ صَاحِبي الَّذِي كنت أنتفع بسمسرته فِي السّنة بألوف الدَّرَاهِم.
فَقلت لَهُ: يَا هَذَا، مَا الَّذِي أَصَابَك؟ وبكيت رَحْمَة لَهُ.
فَبكى، وَقَالَ: حَدِيثي طَوِيل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute