فَقلت: الْبَيْت، وَحَمَلته إِلَى منزلي، فأدخلته الْحمام، وألبسته ثيابًا نظافا، أطعمته، وَسَأَلته عَن خَبره.
فَقَالَ: أَنْت تعرف حَالي ونعمتي، وَإِنِّي أردْت الْخُرُوج إِلَى الْحَج فِي آخر سنة جِئْت إِلَى بَغْدَاد، فَقَالَ لي أَمِير الْبَلَد، عِنْدِي قِطْعَة ياقوت أَحْمَر كَالْكَفِّ، لَا قيمَة لَهَا عظما وجلالة، وَلَا تصلح إِلَّا للخليفة، فَخذهَا مَعَك، فبعها لي بِبَغْدَاد، واشتر لي من ثمنهَا مَتَاعا طلبه، من عطر، وطرف، بِكَذَا وَكَذَا، وأحمل الْبَاقِي مَالا.
فَأخذت الْقطعَة الْيَاقُوت، وَهِي كَمَا قَالَ، فجعلتها فِي هميان جلد، من صفته كَيْت وَكَيْت، وَوصف الْهِمْيَان الَّذِي وجدته، وَجعلت فِي الْهِمْيَان ألف دِينَار عينا من مَالِي، وَحَمَلته فِي وسطي.
فَلَمَّا جِئْت إِلَى بَغْدَاد، نزلت أسبح عشيا فِي الجزيرة الَّتِي بسوق يحيى، وَتركت الْهِمْيَان وثيابي بِحَيْثُ ألاحظها.
فَلَمَّا صعدت من دجلة، لبست ثِيَابِي عِنْد غرُوب الشَّمْس، وأنسيت الْهِمْيَان، فَلم أذكرهُ إِلَى أَن أَصبَحت، فعدت أطلبه، فَكَأَن الأَرْض ابتلعته.
فهونت على نَفسِي الْمُصِيبَة، وَقلت: لَعَلَّ قيمَة الْحجر ثَلَاثَة آلَاف دِينَار، أغرمها لَهُ.
فَخرجت إِلَى الْحَج، فَلَمَّا رجعت، حاسبتك على ثمن متاعي، واشتريت للأمير مَا أَرَادَهُ، وَرجعت إِلَى بلدي، فأنفذت إِلَى الْأَمِير مَا اشْتَرَيْته، وأتيته، فَأَخْبَرته بخبري.
وَقلت لَهُ: خُذ مني تَمام ثَلَاثَة آلَاف دِينَار، عوضا عَن الْحجر.
فطمع فِي، وَقَالَ: قِيمَته خَمْسُونَ ألف دِينَار، وَقبض عَليّ، وعَلى جَمِيع مَا أملكهُ من مَال ومتاع، وَأنزل بِي صنوف المكاره، حَتَّى أشهد عَليّ فِي جَمِيع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute