فجَاء بِي إِلَى خياط فِي سوق الثُّلَاثَاء، يخيط، ويقرىء الْقُرْآن فِي مَسْجِد، فَقص عَلَيْهِ قصتي، فَقَامَ مَعنا.
فَلَمَّا مشينا، تَأَخَّرت، وَقلت لصديقي: لقد عرضت هَذَا الشَّيْخ، وإيانا، لمكروه عَظِيم، هَذَا إِذا حصل على بَاب الرجل، صفع، وصفعنا مَعَه، هَذَا لم يلْتَفت إِلَى شَفَاعَة فلَان، وَفُلَان، وَلم يفكر فِي الْوَزير، فَكيف يفكر فِي هَذَا الْفَقِير؟ فَضَحِك، وَقَالَ: لَا عَلَيْك، امش، واسكت.
فَجِئْنَا إِلَى بَاب الْقَائِد، فحين رأى غلمانه الْخياط، أعظموه وأهووا التَّقْبِيل يَده، فَمَنعهُمْ من ذَلِك، وَقَالُوا: مَا جَاءَ بك أَيهَا الشَّيْخ، فَإِن صاحبنا رَاكب، فَإِن كَانَ لَك أَمر يتم بِنَا بادرنا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَادْخُلْ، واجلس إِلَى أَن يَجِيء، فَقَوِيت نَفسِي بذلك، ودخلنا وَجَلَسْنَا.
وَجَاء الْقَائِد، فَلَمَّا رأى الشَّيْخ أعظمه إعظاما تَاما، وَقَالَ: لست أنزع ثِيَابِي، أَو تَأْمُرنِي بِأَمْرك.
فخاطبه فِي أَمْرِي، فَقَالَ: وَالله، مَا عِنْدِي إِلَّا خَمْسَة آلَاف دِرْهَم تسأله أَن يَأْخُذهَا، وأعطيه رهنا فِي بَاقِي مَاله.
فبادرت إِلَى الْإِجَابَة، فأحضر الدَّرَاهِم، وحليا بِقِيمَة الْبَاقِي، فقبضت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute