ذَلِك مِنْهُ، وأشهدت عَلَيْهِ الرجل، وصديقي، أَن الرَّهْن عِنْدِي إِلَى أجل فَإِن حل الْأَجَل وَلم يُعْطِنِي، فقد وكلني فِي بَيْعه، وَقبض مَالِي من ثمنه، فخرجنا، وَقد أجَاب إِلَى ذَلِك.
فَلَمَّا بلغنَا مَسْجِد الْخياط، قلت لَهُ: قد رد الله تَعَالَى عَليّ هَذَا المَال بسببك، فَأحب أَن تَأْخُذ مِنْهُ مَا أَحْبَبْت، بِطيبَة من قلبِي.
فَقَالَ: مَا أسْرع مَا كافأتني على الْجَمِيل بالقبيح، انْصَرف، بَارك الله لَك فِي مَالك.
فَقلت: قد بقيت لي حَاجَة.
قَالَ: قل.
قلت: تُخبرنِي عَن سَبَب طَاعَته لَك، مَعَ تهاونه بِأَكْثَرَ أهل الدولة.
فَقَالَ: قد بلغت مرادك، فَلَا تقطعني عَن شغلي، وَمَا أعيش بِهِ.
فألححت عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنا رجل أُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي هَذَا الْمَسْجِد، وأقرىء الْقُرْآن، مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة، ومعاشي من هَذِه الْخياطَة، لَا أعرف غَيرهَا.
وَكنت مُنْذُ دهر، قد صليت الْمغرب، وَخرجت أُرِيد منزلي، فاجتزت بتركي كَانَ فِي هَذِه الدَّار، وَامْرَأَة جميلَة مجتازة، وَقد تعلق بهَا وَهُوَ سَكرَان، ليدخلها دَاره، وَهِي ممتنعة تستغيث، وَلَيْسَ من أحد يغيثها، أَو يمنعهُ مِنْهَا، وَتقول فِي جملَة كَلَامهَا: إِن زَوجي قد حلف عَليّ بِالطَّلَاق، أَن لَا أَبيت برا، فَإِن بيتني، خرب بَيْتِي، مَعَ مَا يرتكبه مني من الْفَاحِشَة.
قَالَ: فرفقت بِهِ وَسَأَلته تَركهَا، فَضرب رَأْسِي بدبوس كَانَ فِي يَده،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute