فَقلت: أَخُوك، وَابْن أَبِيك، وَله بعْدك الْعَهْد، فَكيف تكون صورتنا، أَولا عِنْد الله، ثمَّ عِنْد الْجَيْش؟ فَقَالَ: إِنَّك إِن فعلت هَذَا، وَإِلَّا ضربت عُنُقك السَّاعَة.
فَقلت: السّمع وَالطَّاعَة.
فَقَالَ: وَأُرِيد إِذا فرغت مِنْهُ هَذِه اللَّيْلَة، أَن تخرج من فِي الْحَبْس من الطالبيين، فَتضْرب رِقَاب أَكْثَرهم، وتغرق البَاقِينَ.
قَالَ: ثمَّ ترحل إِلَى الْكُوفَة، فتجمع من تقدر عَلَيْهِ من الْجَيْش، فَتخرج من بهَا من العباسيين، وشيعتهم، وعمالنا، والمتصرفين، ثمَّ تضرمها بالنَّار، حَتَّى لَا يبْقى فِيهَا جِدَار.
فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَذَا أَمر عَظِيم.
فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أعداؤنا، وشيعة آل أبي طَالب، وكل آفَة ترد علينا، فَهِيَ من جهتهم، وَلَا بُد من هَذَا.
فَقَالَ: لَا تَبْرَح من مَكَانك إِلَى نصف اللَّيْل؛ لتمضي إِلَى هَارُون.
ونهض عَن مَوْضِعه، وَدخل إِلَى دور النِّسَاء، وَجَلَست مَكَاني، لَا أَشك أَنه قد قبض عَليّ ليقتلني، وَيُدبر هَذِه الْأُمُور على يَد غَيْرِي، لما أظهرت لَهُ من الْجزع عِنْد كل بَاب مِنْهَا، والتخطئة لرأيه، والامتناع عَلَيْهِ، ثمَّ الْإِجَابَة، وَقد علم الله، تَعَالَى، أَنِّي مَا أَجَبْته إِلَّا على أَن أخرج من حَضرته، فأركب فرسي من بَابه، وَألْحق بِطرف من الأَرْض، وأفارق جَمِيع نعمتي، فَأَكُون بِحَيْثُ لَا يصل إِلَيّ، حَتَّى أَمُوت، أَو يَمُوت.
فَلَمَّا اعتقلني، وَدخل دَار الْحرم؛ لم أَشك فِي أَنه قد فطن لغرضي، وَأَنه سيقتلني؛ لِئَلَّا يفشو السِّرّ، فوردت عَليّ شدَّة شَدِيدَة، وغلبت عَليّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute