فَقلت: عباد بن الْحَرِيش، فَأَدْخلنِي عَلَيْهِ، وَهُوَ يستاك.
فَضَحِك إِلَيّ، وَقَالَ: قد صحت رُؤْيَاك.
فَقلت: الْحَمد لله.
فَقَالَ: لَا تَبْرَح من الدَّار حَتَّى أنظر فِي أَمرك.
وَكَانَ بارا بأَهْله، ورسمه إِذا ولي عملا، أَن لَا ينظر فِي شَيْء من أَمر نَفسه، حَتَّى ينظر فِي أَمر أَهله، فَيصْرف من صلح مِنْهُم للتَّصَرُّف، فَإِذا فرغ؛ عدل إِلَى الْأَخَص، فالأخص من حَاشِيَته، فَإِذا فرغ من ذَلِك؛ نظر فِي أَمر نَفسه.
فَجَلَست فِي الدَّار إِلَى الْعَصْر، وَهُوَ ينظر فِي أَمر أَهله، والتوقيعات تخرج بالصلات والأرزاق، وَكتب التقليدات، إِلَى أَن صَاح الْحَاجِب: عباد بن الْحَرِيش، فَقُمْت إِلَيْهِ، فَأَدْخلنِي عَلَيْهِ.
فَقَالَ: إِنِّي مَا نظرت فِي أَمر أحد غير أَهلِي، فَلَمَّا فرغت مِنْهُم؛ بدأت بك قبل النَّاس كلهم، فاحتكم مَا تُرِيدُ؟ فَقلت: ترد عَليّ مَا أخذت مني، وتوليني الْعَمَل الَّذِي كَانَ بيَدي.
فَوَقع لي بذلك، وَقَالَ: امْضِ، فقد أوغرت لَك الْعَمَل، فَخذ ارتفاعه كُله.
فَكَانَ يستدعيني كل مُدَّة، وَلَا يَأْخُذ مني شَيْئا، وَإِنَّمَا يكْتب لي روزات من مَال الْعَمَل، وَيصْلح لي حسبانات يخلدها الدِّيوَان، فأرجع إِلَى الْعَمَل.
فَكنت على ذَلِك إِلَى أَن زَالَت أَيَّامه، فَرَجَعت إِلَى شيراز وَقد اجْتمع لي مَال عَظِيم، صودرت على بعضه، وَجَلَست فِي بَيْتِي، وعقدت نعْمَة ضخمة، وَلم أتصرف إِلَى الْآن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute