ثمَّ استدعى أَبَا إِسْحَاق بن شهرام، كَاتبه، الْمَعْرُوف بـ: ابْن ظلوم الْمُغنيَة، وَكَانَ يكْتب لَهُ، ويترسل إِلَى ملك الرّوم، ويبعثه فِي صَغِير أُمُوره وكبيرها، فساره بِشَيْء، وَكَانَ صَاحب سره.
فابتدأ ابْن شهرام يعْتَذر إِلَى الضَّرِير، عَن سيف الدولة، باعتذار طَوِيل، وَأَنَّك قصدتنا فِي آخر وَقت، وَقد نفدت غلاتنا، وتقسمت أَمْوَالنَا الْحُقُوق وَالزُّوَّارِ والجيوش، وببابنا خلق من الرؤساء، ونحتاج أَن نواسيهم، وَلَوْلَا ذَلِك لأوفينا على أملك، وَقد أمرنَا لَك بِكَذَا وَكَذَا، وَجعل ابْن شهرام يقْرَأ عَلَيْهِ مَا فِي الثبت، وَسيف الدولة يسمع.
فَقلت لَهُ: لَا تورد على الشَّيْخ هَذِه الْجَائِزَة جملَة، عقيب الْيَأْس الَّذِي لحقه، فَتَنْشَق مرارته.
فَلَمَّا استوفى؛ بَكَى الشَّيْخ بكاء شَدِيدا، وَقَالَ: أَيهَا الْأَمِير، لقد زِدْت، وَالله، على أملي بطبقات، وأوفيت على غناي بدرجات، وقضيت حَقي، وَمَا هُوَ أعظم من حَقي، وَمَا أحسن أَن أشكرك، وَلَكِن الله، تَعَالَى، يتَوَلَّى مكافأتك، فَمن عَليّ يدك، فَأذن لَهُ، فقبلها.
فَجَذَبَهُ سيف الدولة، وساره بِشَيْء، فَضَحِك، وَقَالَ: إِي وَالله، أَيهَا الْأَمِير.
فاستدعى خَادِمًا للحرم، وساره بِشَيْء، وَقَامَ الشَّيْخ إِلَى دَاره الَّتِي أخلاها لَهُ، وَقَالَ لَهُ: أقِم فِيهَا إِلَى أَن أنظر فِي أَمرك، وَتخرج إِلَى عِيَالك.
فَسَأَلت الْخَادِم عَمَّا ساره بِهِ، فَقَالَ: أَمرنِي أَن أخرج إِلَيْهِ جَارِيَة، من وصائف أُخْته، فِي نِهَايَة الْحسن، فِي ثِيَاب وَآلَة قيمتهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم، قَالَ: فحملتها إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute