وَكَانَت لَيْلَة بَارِدَة، وَكنت بقميص وَاحِد، فتغطيت بالكساء، وانضجعت، وَلم يدْخل عَيْني النّوم، لما بِي من الْجُوع وَالْغَم.
فَمَا لَبِثت أَن جَاءَ رجل عُرْيَان، فَدخل وعَلى رَأسه شَيْء ثقيل، فَقَامَ الَّذِي يطْبخ، فأغلق الْبَاب، وَأنزل مَا كَانَ على رَأسه.
وَقَالَ لَهُ: وَيلك، غبت، حَتَّى أَيِست مِنْك.
فَقَالَ: كنت يومي وليلتي، مختبئا خلف حطب لَهُم، حَتَّى تمكنت من أَخذ هَذِه البدرة، وَمَا أَدْرِي أدنانير هِيَ، أم دَرَاهِم؟ وَأَنا ميت جوعا، فأطعمني شَيْئا.
قَالَ: فَأخذ الرجل يغْرف من الْقدر، وَمضى الْعُرْيَان فَلبس شَيْئا، وَجَاء إِلَى الآخر، وَقد غرف، فَجعلَا يأكلان، وَقد خرجت نَفسِي فَزعًا.
فَلَمَّا أكلا؛ أخرجَا شرابًا، وَجعلا يشربان، وَأَنا متحير لَا أَدْرِي مَا أصنع، وَلست أجترئ أطلب من الرجل شَيْئا.
وَأَقْبل الْعُرْيَان يشرب أَكثر من الآخر الَّذِي كَانَ يطْبخ، وَجعل الَّذِي كَانَ يطْبخ، يَقُول لَهُ: استكثر من الشّرْب لتدفأ، إِلَى أَن سكر الْعُرْيَان، ونام.
فَقَامَ الأول، فَطَافَ فِي الدَّار، ثمَّ جَاءَنِي، فكلمني فسكتّ؛ خوفًا من أَن يعلم أَنِّي قد علمت بقصتهما، فَيَقْتُلنِي، فَظن أنني قد نمت.
فَمضى إِلَى النَّائِم، فذبحه، ثمَّ أمْسكهُ حَتَّى مَاتَ، ثمَّ لفه فِي كسَاء، وَحمله على عَاتِقه، وَخرج من الدَّار.
فَقلت لنَفْسي: لأي شَيْء قعودي؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute