فَقلت: مَا لهَذَا الخباء بُد من أهل، وَمَا لهَذِهِ الْقبَّة بُد من رب، وَمَا لهَذَا العطن بُد من إبل.
فَنَظَرت فِي الخباء فَإِذا شيخ قد اخْتلفت ترقوتاه، وَكَأَنَّهُ نسر.
قَالَ: فَجَلَست خَلفه، فَلَمَّا وَجَبت الشَّمْس، إِذا أَنا بِفَارِس قد أقبل، لم أر قطّ فَارِسًا أجمل مِنْهُ، وَلَا أجسم، على فرس عَظِيم، وَمَعَهُ أسودان يمشيان إِلَى جَنْبَيْهِ، وَإِذا مائَة من الْإِبِل مَعَ فَحلهَا، فبرك الْفَحْل، وبركن حوله.
وَنزل الْفَارِس، وَقَالَ لأحد عبديه: احلب فُلَانَة، ثمَّ اسْقِ الشَّيْخ.
قَالَ: فَحلبَ فِي عس حَتَّى ملأَهُ، ثمَّ جَاءَ بِهِ فَوَضعه بَين يَدي الشَّيْخ، وَتَنَحَّى.
فكرع مِنْهُ مرّة، أَو مرَّتَيْنِ، ثمَّ نزع، فثرت، فَشَربته.
فَرجع العَبْد، فَأخذ العطس، فَقَالَ: يَا مولَايَ، قد أَتَى على آخِره.
قَالَ: ففرح بذلك، وَقَالَ: احلب فُلَانَة، فحلبها، ثمَّ جَاءَ بالعس، فَوَضعه بَين يَدي الشَّيْخ.
فكرع مِنْهُ كرعة وَاحِدَة، ثمَّ نزع فثرت إِلَيْهِ، فَشَرِبت نصفه، وكرهت أَن أتهم، إِن أتيت على آخِره.
ثمَّ جَاءَ العَبْد، وَأخذ الْعس، وَقَالَ: يَا مولَايَ، قد شرب.
قَالَ: دَعه، ثمَّ أَمر بِشَاة، فذبحت، وشوى للشَّيْخ مِنْهَا، وَأكل هُوَ وعبداه.
فأمهلت حَتَّى نَامُوا، وَسمعت الغطيط، فثرت إِلَى الْفَحْل، فحللت عقاله،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute