ثمَّ ركبته، فَانْدفع بِي، واتبعته الْإِبِل، فسللتها لَيْلَتي كلهَا حَتَّى أَصبَحت.
فَلَمَّا أَسْفر الصُّبْح، نظرت فَلم أر أحدا، فسللتها سلا عنيفا، حَتَّى تَعَالَى النَّهَار، فالتفتّ التفاتة، فَإِذا بِشَيْء كَأَنَّهُ طَائِر، فَمَا زَالَ يدنو حَتَّى تبينته، فَإِذا هُوَ فَارس على فرس، وَإِذا هُوَ صَاحِبي البارحة.
فعقلت الْفَحْل، ونثلت كِنَانَتِي، ووقفت بَينه وَبَين الْإِبِل.
فَدَنَا مني، وَقَالَ: حل عقاله.
فَقلت: كلا، وَالله، لقد أضرّ بِي الْجهد، وخلفت نسيات، وصبية بِالْحيرَةِ، وآليت أَن لَا أرجع إلَيْهِنَّ إِلَّا بعد أَن أفيدهن خيرا، أَو أَمُوت.
قَالَ: فَإنَّك ميت، حل عقاله.
قلت: هُوَ ذَاك.
قَالَ: إِنَّك لمغرور، أنصب لي خطامه، وَفِي خطامه خمس عجر، فنصبته.
قَالَ: أَيْن تُرِيدُ أَن أَضَع سهمي؟ قلت: فِي هَذَا الْموضع.
قَالَ: فَكَأَنَّمَا وَضعه بِيَدِهِ، حَتَّى والى بَين خَمْسَة أسْهم.
قَالَ: فرددن نبلي، ودنا هُوَ، فَأخذ الْقوس وَالسيف.
وَقَالَ: ارتدف خَلْفي، فَفعلت.
فَقَالَ لي: وَقد عرف أَنِّي أَنا الَّذِي شربت اللَّبن عِنْد الشَّيْخ: مَا ظَنك بِي؟ قلت: أحسن الظَّن، مَعَ مَا لقِيت مني من تَعب ليلتك، وَقد أظفرك الله بِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute