فَقلت: مَا يصنع الْأَمِير بِرَجُل بلغ بِهِ الْفقر إِلَى مَا ترى؟ فَلَمَّا رأى سوء حَالي، وقبح منظري؛ رَجَعَ فَأخْبر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بخبري، وَعَاد إِلَيّ، وَمَعَهُ تخوت ثِيَاب، ودرج فِيهِ بخور، وكيس فِيهِ ألف دِينَار.
وَقَالَ: قد أَمرنِي الْأَمِير أَن أدْخلك الْحمام، وألبسك من هَذِه الثِّيَاب، وأدع بَاقِيهَا عنْدك، وأطعمك من هَذَا الطَّعَام، وَإِذا بخوان كَبِير فِيهِ صنوف الْأَطْعِمَة، وأبخرك؛ لترجع إِلَيْك نَفسك، ثمَّ أحملك إِلَيْهِ.
فسررت سُرُورًا شَدِيدا، ودعوت لَهُ، وعملت مَا قَالَ، ومضيت مَعَه، حَتَّى دخلت على مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، فَسلمت عَلَيْهِ، فقربني، ورفعني.
ثمَّ قَالَ: يَا عبد الْملك، قد اخْتَرْتُك لتأديب ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ، فاعمل على الْخُرُوج إِلَى بَابه، وَانْظُر كَيفَ تكون؟ فشكرته ودعوت لَهُ، وَقلت: سمعا وَطَاعَة، سأخرج شَيْئا من كتبي وأتوجه.
فَقَالَ: وَدعنِي، وَكن على الطَّرِيق غَدا.
فَقبلت يَده، وَقمت، فَأخذت مَا احتجت إِلَيْهِ من كتبي، وَجعلت بَاقِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute