فِي بَيت وسددت بَابه، وأقعدت فِي الدَّار عجوزا من أهلنا، تحفظها.
وباكرني رَسُول الْأَمِير مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، وأخذني، وَجَاء بِي إِلَى زلال قد اتخذ لي، وَفِيه جَمِيع مَا أحتاج إِلَيْهِ، وَجلسَ معي ينْفق عَليّ، حَتَّى وصلت إِلَى بَغْدَاد.
وَدخلت على أَمِير الْمُؤمنِينَ الرشيد، فَسلمت عَلَيْهِ، فَرد عَليّ السَّلَام.
وَقَالَ: أَنْت عبد الْملك بن قريب الْأَصْمَعِي.
قلت: نعم، أَنا عبد أَمِير الْمُؤمنِينَ بن قريب الْأَصْمَعِي.
قَالَ: اعْلَم أَن ولد الرجل مهجة قلبه، وَثَمَرَة فُؤَاده، وهوذا أسلم إِلَيْك ابْني مُحَمَّدًا بأمانة الله، فَلَا تعلمه مَا يفْسد عَلَيْهِ دينه، فَلَعَلَّهُ أَن يكون للْمُسلمين إِمَامًا.
قلت: السّمع وَالطَّاعَة.
فَأخْرجهُ إِلَيّ، وحولت مَعَه إِلَى دَار، قد أخليت لتأديبه، وَأَخْدَم فِيهَا من أَصْنَاف الخدم والفرش، وَأجْرِي عَليّ فِي كل شهر عشرَة آلَاف دِرْهَم، وَأمر أَن تخرج إِلَيّ فِي كل يَوْم مائدة، فَلَزِمته.
وَكنت مَعَ ذَلِك، أَقْْضِي حوائج النَّاس، وآخذ عَلَيْهَا الرغائب، وأنفذ جَمِيع مَا يجْتَمع لي، أَولا فأولا، إِلَى الْبَصْرَة، فأبني دَاري، وأشتري عقارا وضياعا.
فأقمت مَعَه، حَتَّى قَرَأَ الْقُرْآن، وتفقه فِي الدَّين، وروى الشّعْر واللغة، وَعلم أَيَّام النَّاس وأخبارهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute