فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الْعَاشِر؛ أدخلت إِلَى الْفضل بن يحيى، فأقمت فِي دَاره يومي وليلتي.
فَلَمَّا أَصبَحت؛ جَاءَنِي خَادِم من خدمه، فَقَالَ: يَا هَذَا، قُم إِلَى عِيَالك وصبيانك.
فَقلت: إِنَّا لله، لم أحصل لهَؤُلَاء الصّبيان على الْأكل وَالشرب، والصينية وَمَا فِيهَا، وَمَا حصلته من النثار ذهب، فليت هَذَا كَانَ من أول يَوْم، وَكَيف أتوصل الْآن إِلَى يحيى، وَأي طَرِيق لي إِلَيْهِ؟ وتلاعبت بِي الأفكار مَخَافَة الْيَأْس، وأظلمت الدُّنْيَا فِي عَيْني، وَقمت أجر رجْلي، وَالْخَادِم يمشي بَين يَدي، حَتَّى أخرجني من الدَّار، فازداد إياسي، وَمَا زَالَ يمشي بَين يَدي حَتَّى أدخلني إِلَى دَار كَأَن الشَّمْس تطلع من جوانبها، وفيهَا من صنوف الْفرش والأثاث والآلات، مَا يكون فِي مثلهَا.
فَلَمَّا توسطتها؛ رَأَيْت عيالي أَجْمَعِينَ فِيهَا، يرتعون فِي الديباج والشفوف، وَقد حمل إِلَيْهِم مائَة ألف دِرْهَم، وَعشرَة آلَاف دِينَار، والصينية والنثار، وَسلم إِلَيّ الْخَادِم صك ضيعتين جليلتين.
وَقَالَ: هَذِه الدَّار وَمَا فِيهَا والضياع بغلاتها، لَك.
فأقمت مَعَ البرامكة فِي أَخفض عَيْش، وَأجل حَال، حَتَّى نزلت بهم النَّازِلَة.
ثمَّ قصدني عَمْرو بن مسْعدَة فِي الضيعتين، فألزمني فِي خراجهما، مَا لَا يَفِي بِهِ دخلهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute