للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتماثيل الند الصغار، والتقط النَّاس، والتقطت.

ثمَّ جَاءَ مائَة خَادِم وخادم، فِي يَد كل وحد مِنْهُم صينية فضَّة فِيهَا ألف دِينَار، مخلوطة بالمسك، فَوضع بَين يَدي كل رجل منا صينية.

فَأَقْبَلت الْجَمَاعَة تكور الدَّنَانِير فِي أكمامها، وَتَأْخُذ الصواني تَحت آباطها، وتنصرف، الأول فَالْأول، حَتَّى بقيت وحدي، لَا أجسر على أَخذ الصينية وَمَا فِيهَا، والأسف وَالْحَاجة يمنعاني أَن أقوم وأدعها، وَأَنا مطرق مفكر.

حَتَّى ضَاقَ صَدْرِي، فَرفعت رَأْسِي، فغمزني بعض الخدم على أَخذهَا وَالْقِيَام، فأخذتها وَقمت، وَأَنا لَا أصدق، وَجعلت أَمْشِي وأتلفت، خوفًا من أَن يَتبعني من يَأْخُذهَا، وَيحيى يلاحظني من حَيْثُ لَا أعلم.

فَلَمَّا قاربت السّتْر؛ رددت، فأيست من الصينية، فَجئْت، وَهِي معي، حَتَّى قربت مِنْهُ، فَأمرنِي بِالْجُلُوسِ، فَجَلَست.

فَسَأَلَنِي عَن حَالي، وقصتي، وَمن أَنا، فصدقته، حَتَّى إِذا بلغت إِلَى تركي عيالي فِي الْمَسْجِد؛ بَكَى.

ثمَّ قَالَ: عَليّ بمُوسَى، فجَاء.

فَقَالَ: يَا بني، هَذَا رجل من أَبنَاء النعم، قد رمته الْأَيَّام بصروفها، والنوائب بحتوفها، فَخذه، واخلطه بِنَفْسِك، واصطنعه.

فأخذني مُوسَى إِلَى دَاره، فَخلع عَليّ من أَفْخَر ثِيَابه، وَأمر بِحِفْظ الصينية لي، وقضيت على ذَلِك يومي وليلتي.

ثمَّ استدعى أَخَاهُ الْعَبَّاس من الْغَد، وَقَالَ لَهُ: إِن الْوَزير سلم إِلَيّ هَذَا الْفَتى، وَأَمرَنِي فِيهِ بِكَذَا وَكَذَا، وَأُرِيد أَن أركب الْيَوْم إِلَى دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَلْيَكُن عنْدك الْيَوْم حَتَّى أرتجعه غَدا، فَكَانَ يومي عِنْده مثل أمسي.

وَأَقْبلُوا يتداولوني كل يَوْم، وَاحِدًا بعد وَاحِد، وَأَنا قلق بِأَمْر عيالي، إِلَّا أنني لَا أذكرهم إجلالا لَهُم.

<<  <  ج: ص:  >  >>