قَالَ: نعم، وَتركت عيالي جياعا لَا نَفَقَة لَهُم، وَلَا مَعَهم مَا يُبَاع، فأفضيت إِلَى مَسْجِد مزخرف، فِيهِ جمع شُيُوخ، بِأَحْسَن زِيّ، وأجمل هَيْئَة، فطمعت فِي مخاطبتهم، فَصَعدت إِلَى الْمَسْجِد، فَجَلَست مَعَهم، لم أَزْد على السَّلَام، وَجعلت أردد فِي صَدْرِي كلَاما أخاطبهم بِهِ، فيحصرني التشور، ويخجلني ذل الْمَسْأَلَة، ويحبسني عَن الْكَلَام، وأتصبب عرقا؛ حَيَاء وخوفا من أَن يُقَال لي: من أَنْت، وَمَا تُرِيدُ؟ وَمَا يمكنني الْجَواب، وَلَا أَدْرِي مَا أخاطبهم بِهِ، إِذْ لم تكن لي عَادَة بالخوض فِي مثله.
فَأَنا كَذَلِك، إِذْ جَاءَ خَادِم فاستدعى الْقَوْم، فَقَامُوا، وَقمت مَعَهم، ومضينا، فأدخلوا دَارا ذَات دهليز طَوِيل، فَدخلت مَعَهم، وأفضينا إِلَى صحن وَاسع، وَإِذا شيخ بهي، فَإِذا هُوَ يحيى بن خَالِد، على دكة أبنوس فِي صحن الدَّار، فِي وسط الْبُسْتَان، وَله ميدان عِنْد بركَة، وَقد نصب عَلَيْهَا كراسي أبنوس.
وَأَقْبل الْقَوْم، فجلسوا، وَجَلَست مَعَهم، وَتَأمل الخدم الْقَوْم وعددهم، فَإِذا نَحن مائَة رجل وَرجل، فَدخل الخدم وغابوا، ثمَّ خرج مائَة خَادِم وخادم، فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم مجمرة من ذهب، فِيهَا قِطْعَة كالفهر من عنبر، والخدم بأفخر الثِّيَاب، عَلَيْهِم مناطق الذَّهَب المرصعة بالجوهر، وهم يطيفون بِغُلَام، حِين اخضر شَاربه، حسن الْوَجْه، فسجروا العنبر.
وَأَقْبل يحيى على الزريقي القَاضِي، وَقَالَ: زوج ابْن أخي هَذَا، بِابْنَتي عَائِشَة على صدَاق قدره مائَة ألف دِرْهَم.
فَخَطب، وَعقد النِّكَاح، وأخذنا النثار من فتات الْمسك، وبنادق العنبر،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute