فَلَمَّا صرت فِي بعض الممرات وَأَنا رجل طَوِيل مبدن، وَكنت قد حلقت رَأْسِي، وَعَلِيهِ منديل خَفِيف، قد أطارته الرّيح، فانكشف، وَلعلَّة انشغال قلبِي بأَمْري لم أرد المنديل.
وَإِذا بصفعة قد جَاءَت، كَادَت تكبني على وَجْهي، وتوالت بعْدهَا اثْنَتَانِ.
فالتفتّ، فَإِذا الْعَبَّاس بن عَمْرو، وَقد خرج إِلَى مَوضِع من مَوَاضِع الدَّار، وَكَانَ مشتهرا بالمصافعة، مكاشفا بهَا، هُوَ، وَجَمَاعَة من قواد المعتضد، أصدقاء أخلاء، يستعملون ذَلِك، ويكاشفون بِهِ.
فقبضت على يَده، وَقلت: مَا هَذَا، أَيهَا الْأَمِير؟ مَا أُفَارِقك، أَو تُعْطِينِي شَيْئا أنتفع بِهِ عوضا عَن هَذَا الْفِعْل.
فدافعني، وَأَنا متشبث بِهِ، وَسقط الْكتاب من كمي، فَقَالَ: مَا هَذَا الْكتاب؟ قلت: كتاب كتب لي عَنْك إِلَى فلَان؛ لأخرج إِلَيْهِ، فلعلي أتصرف مَعَه، أَو يبرني بِشَيْء.
فَقَالَ: هوذا، أكتب لَك عَلَيْهِ سفتجة بالصفع، فَإِنَّهُ يفتديها مِنْك بِمَا تنْتَفع بِهِ.
واستدعى دَوَاة، وَكتب لي إِلَى الرجل سفتجة، كَمَا يكْتب التُّجَّار، بِثَلَاث مكتوبات، كِنَايَة عَن ثَلَاث صفعات.
فَأخذ الْكتاب، وانصرفت مُتَعَجِّبا مِمَّا جرى عَليّ، وَمن حرفتي فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute