كَأَن لَك عَليّ دينا، أَو سفتجة؟ فَقلت: نعم، لي على الْأَمِير، أعزه الله، سفتجة.
فازداد غيظه، وَقَالَ كالمتعجب: سفتجة، سفتجة؟ فأخرجتها، فدفعتها إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَرَأَهَا؛ عرف الْخط وَالْخطاب، فَنَكس رَأسه سَاعَة، خجلا، ثمَّ قَالَ لكاتب كَانَ بَين يَدَيْهِ، شَيْئا لَا أعلمهُ.
فجذبني الْكَاتِب، وَقَالَ: إِن الْأَمِير قد تذمم مِمَّا عاملك بِهِ، وَأَمرَنِي بِدفع مائَة دِينَار إِلَيْك، فَقُمْ معي لتأخذها.
فَقلت: مَا قصدت الْأَمِير ليبرني، أَنا رجل أوصلت إِلَيْهِ سفتجة بِمَال، فإمَّا قبلهَا فأعطانيه فَمَا أُرِيد غَيره، وَلَا أستزيد عَلَيْهِ، وَلَا أنقص مِنْهُ شَيْئا، وَإِمَّا كتب لي على السفتجة: رَاجِعَة، فأخذتها، وانصرفت.
فساره الْكَاتِب بِمَا قلت، وَقَوي طمعي فِي الصنع، فَالْتَفت إِلَيّ الْكَاتِب، وَقَالَ: قد جعلهَا لَك الْأَمِير مِائَتي دِينَار، فانهض لتأخذها.
فَقلت، لمن يَقُول هَذَا: مَا عِنْدِي غير مَا سَمِعت، ولان الْأَمِير، وتشددت، وَلم يزل الْكَاتِب يتوسط بَيْننَا، إِلَى أَن بذل خمس مائَة دِينَار.
فَقلت: على شَرط أَنِّي لَا أَبْرَح من هَذَا الْمجْلس حَتَّى أقبضها وأسلمها إِلَى يَد تَاجر، وآخذ مِنْهُ سفتجة بهَا، وَيدْفَع إِلَيّ نَفَقَة تكفيني إِلَى أَن أعرف صِحَة السفتجة، ثمَّ أتحمل بباقي ذَلِك.
فأجبت إِلَى ذَلِك، وأحضر التَّاجِر وَالْمَال، وَأخذت مِنْهُ سفتجة، ودفعوا لي خمسين دِينَارا للنَّفَقَة، وأقمت مُدَّة، إِلَى أَن عرفت خبر صِحَة السفتجة، وتحملت بِبَقِيَّة النَّفَقَة إِلَى بلدي.
وَحصل لي المَال، فَجَعَلته بضَاعَة فِي متجر، صلحت بِهِ حَالي، إِلَى الْآن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute