للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمت؟ فَكيف ذكرته؟ أَظن إنْسَانا أخْبرك بِمَوْتِهِ.

فَقلت: هوذا فِي منزلي.

فاستطير فَرحا، وَقَالَ: هاته السَّاعَة، ثمَّ رفع يَده، وَقَالَ: لَا آكل، أَو يَجِيء.

فَقُمْت وَجئْت بِهِ، فحين قرب مِنْهُ؛ تطاول لَهُ، وَأَجْلسهُ بَين يَدَيْهِ، فِيمَا بيني وَبَينه، وَأَقْبل عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَا هَذَا، مَا حَبسك عَنَّا طول هَذِه الْمدَّة؟ فَقَالَ: محن عاقبتي، ونكبات أصابتني.

فَأقبل يسائله عَن وَاحِدَة وَاحِدَة من بَنَاته وَأَهله.

فَقَالَ لَهُ: لم يبْق لي بعْدك ولد، وَلَا أهل، وَلَا مَال إِلَّا تلف، وَمَا تحملت إِلَيْك، إِلَّا من قرض وَمَسْأَلَة، فكاد الْفضل يبكي.

فَلَمَّا استتم غداءه؛ أَمر لَهُ بِثِيَاب فاخرة، ومركوب، وَمَال لنفقته، وَأَن يدْفع إِلَيْهِ منزل وأثاث، وَاعْتذر إِلَيْهِ، ووعده النّظر فِي أمره.

فَلَمَّا كَانَ من غَد؛ حضر عِنْده وكلاء تجار بَغْدَاد، وَكَانُوا قد قدمُوا عَلَيْهِ، يَبْتَغُونَ بيع غلات السوَاد مِنْهُ، وَأَعْطوهُ عطايا لم يجب إِلَيْهَا.

فأحضرني، وَقَالَ: قد علمت مَا دَار بيني وَبَين هَؤُلَاءِ، فَاخْرُج إِلَيْهِم، وأعلمهم أَنِّي قد أنفذت البيع لَهُم بِمَا التمسوا، على أَن يجْعَلُوا لخدابود مَعَهم الرّبع.

فَفعلت ذَلِك، وَأجَاب التُّجَّار، وفرحوا بِمَا تسهل لَهُم.

ثمَّ قَالَ لخدابود: إِنَّهُم سيهولون عَلَيْك بِكَثْرَة الْمُؤَن، ويبذلون لَك مائَة ألف دِرْهَم على أَن تخرج من الشّركَة، فاحذر أَن تفعل، وَلَا تخرج بِأَقَلّ من خمسين ألف دِينَار.

ثمَّ قَالَ: اخْرُج مَعَه، وتوسط فِيمَا بَينهم وَبَينه، فَفعلت ذَلِك،

<<  <  ج: ص:  >  >>