فَقَالَ: أَيْن هِيَ؟ فأخرجتها من خَفِي، فدفعتها إِلَيْهِ، فَرفع مُصَلَّاهُ، فَإِذا النّصْف الَّذِي كَانَ يحيى بن خَالِد، رَحمَه الله، جعله تَحت مُصَلَّاهُ، فقرن بَينهمَا، والتفت إِلَى أَخِيه، وَقد دَمَعَتْ عَيناهُ.
فَقَالَ: هَذَا خطّ أبي عَليّ، رَضِي الله عَنهُ: ثمَّ قَالَ: أَقرَأت مَا فِيهَا؟ قلت: لَا.
قَالَ: فِيهَا: أمتعني الله بك، يَا بني، طَويلا، وَأحسن الْخلَافَة عَلَيْك، قد وَجب عَليّ من حق أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي خَالِد الْأَحول الْكَاتِب، فِي الْحَال الَّتِي أَنا عَلَيْهَا، مَا قد أثقلني، وأعجزني عَن مكافأته، إِلَى غير ذَلِك مِمَّا أَعْتَد بِهِ لسلفه، ونجمنا قد أفل، وأمرنا قد انْقَضى، ودولتك قد حضرت، وَجدك قد علا، فَأحب أَن تقضي عني حق هَذَا الْفَتى، إِن شَاءَ الله، تَعَالَى.
قَالَ أَحْمد بن أبي خَالِد: فَلم أزل مَعَ الْفضل، تترقى حَالي، وأختص بِخِدْمَة الْمَأْمُون، إِلَى أَن دارت الْأَيَّام، واستكتبني الْمَأْمُون، وزادت النِّعْمَة ونمت، وَالْحَمْد لله على ذَلِك.