للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدخل إِلَيّ بوابي، فَقَالَ: بِالْبَابِ رجل يَقُول: أَنا من قرَابَة الصولي، قدمت من بَغْدَاد بكتب إِلَيْك، وَذكره لي، فَلم أذكرهُ.

وَقلت: أدخلهُ.

فَدخل رجل شيخ لم أعرفهُ، فَسلم وَجلسَ، وَقَالَ: أَنا خَادِم القَاضِي مُنْذُ كَانَ من الْمكتب، أَنا قرَابَة الْوَلِيّ، فعرفته، وَلم أذكر الْخط، وَلَا الْقَضِيَّة.

فَأخْرج إِلَيّ كتبا من جمَاعَة رُؤَسَاء بِبَغْدَاد، يذكرُونَ أَنه قد كَانَ مُقيما مُنْذُ سِنِين بِبَغْدَاد، وراقا بقصر وضاح بالشرقية، بِحَالَة حَسَنَة، فلحقته محن أفقرته، ويسألوني تصرفه ومنفعته، فوعدته جميلا.

فَقَالَ: إِنَّمَا جعلت هَذِه الْكتب طَرِيقا، يعرفونني القَاضِي بهَا، وَمَا أعول الْآن عَلَيْهَا، إِذْ قد أحياني الله، عز وَجل، إِلَى أَن رَأَيْته قَاضِيا فِي بعض عمل أَبِيه، رَضِي الله عَنهُ، وجاهه وَنعمته، كجاهه وَنعمته، أَو قريب من ذَلِك، وَقد حل لي بذلك دين عَلَيْهِ، وَاجِب فِي ذمَّته، وَمَا أقنع إِلَّا بِهِ.

فَقلت: مَا معنى هَذَا الْكَلَام؟ فَقَالَ: أينسى القَاضِي ديني؟ ثمَّ أخرج رقعتي الَّتِي كَانَ أَخذهَا مني فِي الْمكتب.

فحين رَأَيْتهَا؛ ذكرت الحَدِيث، وحمدت الله كثيرا، وَقلت: دين وَاجِب حَال، وَحقّ مرعي وَكيد، وبكن تعرف صعوبة الزَّمَان، وَالله، مَا يحضرني الْيَوْم مائَة دِينَار مِنْهَا، وَلَو حضرت؛ مَا صلح أَن أشتهر بصلتك بهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>