للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَحْمد بن إِسْرَائِيل: فَلَمَّا خرجت إِلَى الشَّارِع، إِذا بالهبيري ينْتَظر خُرُوج ابْن الزيات، فعرفته مَا جرى، فَقَالَ: لَا بُد من شكره على كل حَال، وَجَاء ابْن الزيات فترجل لَهُ الهبيري، فشكره.

فَقَالَ لَهُ: أم أقل لِأَحْمَد يَقُول لَك: لَا تشكرني.

فَقَالَ: لَا بُد من ذَلِك؛ لِأَن الله، تَعَالَى، قد أجْرى رِزْقِي على يَديك.

قَالَ أَحْمد بن إِسْرَائِيل: فوَاللَّه، مَا مضى الْيَوْم، حَتَّى قبض المَال، وَولي بعض كور فَارس.

وَذكر هَذَا الْخَبَر مُحَمَّد بن عَبدُوس الجهشياري، فِي كِتَابه: كتاب (الوزراء) ، عَمَّن حَدثهُ بِهِ، عَن أَحْمد بن إِسْرَائِيل، فَذكر أَن الرجل، يُقَال لَهُ: أَحْمد بن عبد الله الهبيري، وَذكر قَرِيبا من هَذَا، وَذكر أَن الَّذِي خُوطِبَ فِي أمره من الْخُلَفَاء، كَانَ المتَوَكل، وَأَن الَّذِي أَمر لَهُ بِهِ، كَانَ خَمْسَة آلَاف دِرْهَم، وَأَن يضم إِلَيْهِ ثَلَاث مائَة رجل، وَأَن حَاله بعد ذَلِك علت عِنْد المتَوَكل، وَلم يقل أَنه قَلّدهُ بعض كور فَارس.

وحَدثني أبي، رَحمَه الله تَعَالَى، هَذَا الحَدِيث، وَذكر أَن تردد الهيبري، وَلم يسمه، إِلَى ابْن أبي خَالِد الْأَحول، وَأَن الَّذِي حمل الرسَالَة إِلَى الهبيري، قَصده إِلَى منزله، وَحمل مَعَه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم، وَقَالَ: إِن الْوَزير يَقُول لَك: لَيْسَ لَك عِنْدِي تصرف، فَخذ هَذِه النَّفَقَة، وَانْصَرف عني إِلَى حَيْثُ شِئْت.

فَغَضب الهبيري، وَقَالَ: جعلني شحاذا، وَالله لَا أَخَذتهَا.

قَالَ الرَّسُول: فغاظني ذَلِك، فَقلت لَهُ: وَالله، مَا المَال إِلَّا من عِنْدِي؛ لِأَنِّي استحيت أَن أُعِيد عَلَيْك رسَالَته، فآثرت أَن أغرم مَالا فِي الْوسط، أجمل بِهِ صَاحِبي، وأؤجر فِيك، وَأَرْفَع نَفسِي عَن قَبِيح التَّوَسُّط الَّذِي ارتكبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>