فسكنته وطرحت عَلَيْهِ قَمِيصًا ومنديلا، وَأمرت لَهُ بِدَرَاهِم وشمشك، فشكرني.
فَقلت: لَا بُد أَن تُحَدِّثنِي بحديثك.
فَقَالَ: أَنا رجل كَانَت لله، عز وَجل، عَليّ نعْمَة جليلة، وَكنت صيرفيا، فابتعت جَارِيَة بِخمْس مائَة دِينَار، فعشقتها عشقا عَظِيما، وَكنت لَا أقدر أَن أفارقها سَاعَة وَاحِدَة، فَإِذا خرجت إِلَى الدّكان؛ أَخَذَنِي كالجنون والهيمان، حَتَّى أَعُود فأجلس مَعهَا يومي كُله.
فدام ذَلِك حَتَّى تعطل دكاني، وتعطل كسبي، وَأَقْبَلت أنْفق من رَأس المَال، حَتَّى لم يبْق مِنْهُ قَلِيل وَلَا كثير، وَأَنا مَعَ ذَلِك لَا أُطِيق أَن أفارقها.
فحبلت الْجَارِيَة، وَأَقْبَلت أنقض دَاري، وأبيع نقضهَا، حَتَّى فرغت من ذَلِك، فَلم تبْق لي حِيلَة.
فضربها الطلق، فَقَالَت: يَا هَذَا، هوذا أَمُوت، فاحتل فِيمَا تبْتَاع بِهِ عسلا، ودقيقا، وشيرجا، وَلَحْمًا، وَإِلَّا مت.
فَبَكَيْت، وحزنت، وَخرجت على وَجْهي، وَجئْت لأغرق نَفسِي فِي دجلة، فَذكرت حلاوة النَّفس، وَخَوف الْعقَاب فِي الْآخِرَة، فامتنعت.
ثمَّ خرجت هائما على وَجْهي إِلَى النهروان، وَمَا زلت أَمْشِي من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة، حَتَّى بلغت خُرَاسَان، فاصدفت بهَا من عرفني، وتصرفت فِي ضيَاعه، وَرَزَقَنِي الله، عز وَجل، مَالا عَظِيما، فأثريت، واتسعت حَالي، وَمَكَثت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute