مولاتها. وحينئذ تكون مهاجرة إبراهيم بها إلى الحجاز بإذن من الله تعالى تهيئة لتكوين الأمة التي قدر الله أن يظهر منها أفضل رسله - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
باب قول الله تعالى:{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}
فيه حديث نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهم -[٤: ١٨١، ٨]:
«أن الناس لما نزلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرض ثمود الحجر فاستقوا من بئرها واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يهريقوا ما استقوا من بئرها وأن يعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة)
المقصد من النهي إعلان الإعراض عن مواقع العذاب، لما يتبع ذلك من كراهية أهلها بكراهية أعمالهم، فهو من التحذير بالقول المعضود بالفعل لغيبة المحذر منه عن الحواس مع عظم خطره، فناسب أن ينضم العمل إلى القول وإلى الفكر النفساني في إنكاره، فهو من مكملات النهي عن دخول مساكنهم إلا باكين، كما سنبينه في باب نزول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر من كتاب المغازي.
وأما البئر التي كانت تردها ناقة صالح فالاستقاء منها؛ لأنها من آثار آية من آيات الله، أظهر الله بها صدق رسوله صالح - عليه السلام -، ولأجل إتيان ضد عمل ثمود فإنهم اعتدوا بأن عقروا الناقة، فأمر المسلمون بملابسة آثار الناقة. ولما فات منهم عجن الخبز من الماء المنهي عنه أمروا بأن لا يأكلوه وأن يعلفوه الإبل؛ لأن الإبل ليست تدرك معنى الموعظة والتحذير. وقد كان عجنهُ بالماء قبل النهي عنه، فتداركوا ما أمكن تداركه، وهو أن يتركوا أكله. وسيجيئ الكلام على بقية الروايات في موضعه من باب نزول الحجر.
* * *
[باب قصة إسحاق - عليه السلام -]
قال البخاري [٤: ١٧٩، ١٦]:
«فيه ابن عمر وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -».