للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب لا يُجزم بان فلاناَ شهيدٌ إلا بإخبار من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مثل قوله في عامر ابن الأكوع [٥: ١٦٧، ٨]: «إنه لجاهدٌ مُجاهدٌ». ومن هذا القبيل زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم العلاء الأنصارية حين قالت في عثمان بن مظعون: «شهادتي عليك لقد أكرمك الله» فقال لها: «وما يُدريك أن الله أكرمه؟ ».

* *

فيه حديث سهل بن سعد [٤: ٤٥، ١٢]: «فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»».

يعني: وهذا الرجل، وهو قزمان الذي قاتل أحسن القتال، من الذين عملوا عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار. فإنه لما جرح استعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فدل ذلك على ضعف إيمانه. وذلك ينافي أن تكون شدته في القتال إخلاصاً لله تعالى إعلاءً لكلمته؛ إذ لا يجتمع مصل ذل ك الإخلاص مع مثل هذا الاستخفاف بالعاقبة. إنما كانت شدته في القتال تظاهراً بالشجاعة وولعاً بمنازلة الأبطال.

ويحتمل أنه كان يبطن الكفر، وإنما كان يقاتل مع المسلمين حباً للغنيمة، ولعل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه: «وهو من أهل النار» يؤذن بهذا الاحتمال الثاني.

* * *

[باب التحريض على الرمي]

فيه حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: [٤: ٤٥، ١٧]:

(قال: مر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتصلون، فقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارْموا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكمْ كَانَ رَامِيا، ارْموا وَأَنَا مَعَ بَنِي فلَانٍ». قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا لَكمْ لَا تَرْمون؟ » قَالوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهمْ؟ قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «ارْموا فأنا مَعَكمْ كلِّكمْ»).

قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا مع بني فلان» جريٌ على العادة فيمن يحضر المتناضلين أو المتسابقين أن ينحاز بعضهم إلى بعض المتبارين، بأن يظن بذلك البعض الفوز، وكان ذلك في؟ ؟ ؟ ؟ من المخاطرة على حظوظ المتبارين، وهي ضرب من القمار، فلما جاء

<<  <   >  >>