الفصل لكراهية توالي فعلين؛ وهما (كان وصالح)، وهو استعمال عربي فصيح كقوله في حديث خبيب المتقدم:(وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر).
* *
ووقع فيه قول سعيد بن المسيب [٥: ١١٠، ١١]:
(وقعت الفتنة الأولى -يعني مقتل عثمان- فلم تبق من أصحاب بدر أحدًا).
فالظاهر أن العناية من كلام يحيى بن سعيد الأنصاري أو من كلام سعيد بن المسيب نفسه.
والمراد بمقتل عثمان تلك الحادثة الشنيعة لا قدس من آثاروها، ثم ما تسلسل عقبها من الحوادث، مثل وقعة الجمل، ووقعة صفين، وخروج الحرورية، ومقتل علي - رضي الله عنه -، وتنازل الحسن - رضي الله عنه -، وبذلك انتهت الفتن فلم يبق من أصحاب بدر حينئذ أحد.
وقد تحير الشراح هنا وتوهموا الوهم في الراوي، وأنه غلط أن يقول: مقتل الحسين، وهذا وهم من الشراح؛ لأن فتنة الحسين لم يشهدها أحد من أهل بدر فكيف يصح وصفها بالأولى، وبأنها تسببت في فناء أهل بدر.
ثم إن مراد سعيد بن المسيب في حديثه من كان من أهل بدر أو من أهل أحد أو من أهل الحديبية بالمدينة؛ لأنه اقتصر على ذكر فتن ثلاث خرج لأجلها أهل المدينة للقتال. فلا يرد عليه أن بعض أهل بدر توفي في مدة خلافة معاوية مثل الأرقم بن أبي الأرقم وجبر بن عتيك وحارثة بن النعمان، رضي الله عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
[باب غزوة أحد]
وقع فيه حديث عقبة بن عامر [٥: ١٢٠، ١٠]:
(صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلي أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات).
معنى توديعه الأموات أن يودع أجسادهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأنس برؤية قبور أصحابه، كما كان يتمنى أن يرى من يجئ بعده من أمته، كما ورد في