اختلفت النسخ والروايات في قوله:«فضمز لي» فكتبوها على سبعة أشكال، والصحيح منها رواية أبي ذر" «فضمز لي» بزاي بعد الميم وبتخفيف الميم وبلام وياء بعد ذلك – يقال: ضمز، بمعنى أخفى صوته، من باب نصر. قال كعب بن زهير في صفة الأسد:
منه تظلُّ سباع الجو ضامزة ... ولا تمشِّى بواديه الأراجيلُ
ومعنى «ضمز لي» أشار إليَّ أن اسكت. وقال في المشارق: أصوبها: ضمز لي – بتشديد الميم وبالزاي – أي أسْكَتني. اهـ. وهذا لا يلاقي قول ابن سيرين «فَفَطِنْتُ له».
* * *
سورة المدثر
ذكر حديث يحيى بن أبي كثير أنه سأل أبا سَلْمَةَ [٦: ٢٠٠، ١٧]:
(عن أول ما نزل فقال: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر} وأن أبا سلمة حدثه عن جابر بن عبد الله».
وقد أخرج البخاري حديث جابر من رواية يحيى بن أبي كثير من طريق علي بن المبارك وطريق حرب بن شداد، وليس عن أحد منهما ما يشهد لما قاله أبو سلمة أن {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر} هي أول ما أنزل.
ثم أخرج البخاري حديث جابر من طريقي معمر وعقيل عن الزهري، فإذا فيه أن جابراً قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحدث عن فترة الوحي). وهذا يبين أن {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّر} نزلت بعد فترة الوحي فلا تكون أول ما أنزل؛ وبذلك يتبين أن أبا سلمة أخذ من حديث جابر ما لا يدل عليه؛ لأن جابر لم يخبره بأن سورة المدثر هي أول ما نزل.