للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الاعتصام]

[باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

وقع فيه مجاهد في قوله تعالى: [١١٣: ٩، ١٧]:

{واجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَامًا} قال: (أئمة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا).

فسره بأنهم يقتدون بمن قبلهم وليس ذلك بمدلول صريح لدعوتهم؛ لأنهم دعوا أن يكونوا مقتدى بهم لا أن يكونوا مقتدين.

ولعل مجاهدًا فسره بمدلول كنائي؛ لأن اقتداء المتقين بهم لا يكون إلا بعد تحقق هديهم وتقواهم. وأصل ذلك أن يتلقوا العلم والفقه عن أسلافهم ويهتدوا بهدي من قبلهم، وأنهم لما دعوا الله أن يكونوا أئمة للمتقين من الناس فقد دلُّوا على أنهم قدروا قدر أئمة التُّقَى الذين كانوا قبلهم وَرَجوْا أن يكونوا مثلهم.

[باب ما يكره من كثرة السؤال]

فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -[١١٧: ٩، ٧]:

«إنَّ أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيءٍ لم يحرَّم فحرِّم من أجل مسألته».

هذا الأثر من مشكل السنة فإن الأحكام الشرعية تجيء على وفق ما في الأفعال الثابتة هي لها من مصالح ومفاسد، فالفعل المحرم جدير بالتحريم، والواجب جدير بالإيجاب. وإذا كان كذلك فسيثبت للفعل حكمه من تحريم أو غيره عندما تتعلق حكمة الله بذلك، فكيف يكون السؤال عن الحكم مقتضيًا ورود تحريمه؟ ولذلك لم تظهر تبعة للسائل من جراء سؤاله، ولعله يكون مستأهلًا للثناء شرعًا؛ إذ يكون سؤاله سببًا في دفع مفسدة فعل بتحريمه أو جلب مصلحة آخر بإيجابه.

والذي يدفع هذا الإشكال فيما لاح لي ولم أره لأحد أن بعض الأفعال قد يشتمل على مفسدة عارضة، وقد تَتَفاوت مفسدته بالقوة والضعف باختلاف الأوقات

<<  <   >  >>