للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتردد الشارحون في مراده من هذا التعليق. والذي جزم به ابن حجر أنه يعني حديث ابن عمر الذي أخرجه في قصة يوسف وفي مواضع كثيرة وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -[٤: ١٨١، ٢٠]: «إنما الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ... » الحديث. وحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [٤: ١٨٢، ٥]: «أكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله» الحديث.

ورد على ابن التين قوله: «إن البخاري وجد حديثًا لم يقف على سنده فأرسله».

ورد أيضًا على الكرماني قوله: «إن فيه حديثًا ليس على شرط البخاري فلذلك أشار إليه البخاري»، واعترض عليه العيني بأن الحديثين اللذين ذكرهما ابن حجر لا مناسبة لهما بقصة إسحاق وقد بسط القسطلاني الرد بينهما.

والذي يظهر لي أن الحق ما قاله ابن حجر، وأن البخاري أراد أن يبوب لقصة إسحاق مما يرجع إلى بعض أخباره أو ما يرجع إلى كونه هو الذبيح فلم يجد حديثًا في ذلك على شرطه، ولم يكن عنده فيما يتعلق بإسحاق - عليه السلام - إلا أنه نبي وأنه أبو يعقوب وابن إبراهيم. ولما كان هذا المقدار ضعيفًا بالنسبة إلى التبويب أشار إلى الحديثين تعليقًا؛ لأنهما سيذكران بعد، وترك الباب كأنه بياض.

وأما قول ابن التين والكرماني فليسا جاريين على معتاد البخاري، على أنه لا يعرف حديثًا عن ابن عمر وأبي هريرة في شأن إسحاق غير ذلك، فدعوى وجود ذلك احتمال لا دليل عليه ولا داعي إليه.

* * *

[باب وفاة موسى - عليه السلام -]

وفي حديث وفاة موسى - عليه السلام -[٤: ١٩١، ١٨]:

«أرسل ملك الموت إلى موسى - عليه السلام - فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت» إلخ.

أي صك موسى ملك الموت، أي دفعه بيده عن نفسه دفعًا شديدًا، بحيث باعد ما بينه وبين مسالك قبض الروح من الآدمي. فإن كان ذلك على الحقيقة فمعناه أن ملك الموت لما تمثل لموسى في صورة البشر استئناسًا لموسى؛ فكان من تمام تمثله أن

<<  <   >  >>