(وقال أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه»).
المراد بالشمال واليمين هنا نفس اليدين، بقرينة قوله:«ما صنعت يمينه» فإن الإنفاق يكون باليمين، لأن المناولة والصنع والاشتغال في العرف يكون باليمين.
فشبه اليدين بعاقلين بقرينة إسناد العلم إلى الشمال، والصنع إلى اليمين، أي لو كانت عاقلين لم تعلم إحداهما ما أنفقت الأخرى مع شدة قربهما وتشاركهما في الصنع عند المناولة؛ لأنه قد يستعين بشماله ويعد بها ما ينفقه.
* * *
باب العرض في الزكاة [٢: ١٤٤، ٤]
أخرج البخاري حديث محمد بن عبد الله الأنصاري مفرقًا ستة أجزاء، فذكر جزءًا منه في هذا الباب، وذكر جزءًا آخر في باب «باب لا يجمع بين مفترق»، وجزءًا آخر في «باب ما كان من خليطين»، وجزءًا طويلًا في «باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض»، وذكر جزءًا طويلاً في «باب زكاة الغنم»، وجزء آخر في «باب لا يؤخذ في الصدقة هرمة». مع أن رواته في الجميع متحدون. وهذا مخالف لعادته في تفريق الآثار على الأبواب، ومخالف لعادته أيضًا في تجزئة الحديث الواحد، ولم يظهر لي ما دعاه إلى هذه التجزئة، ولعله سمعه من محمد بن عبد الله الأنصاري في مجالس متفرقة، أو أن البخاري استطاله فوزعه على الأبواب اعتمادًا على أن الراوي يجمعه، وهذا غريب منه.
* * *
[باب الصدقة على اليتامى]
فيه حديث أبي سعيد الخدري [٢: ١٥٠، ٢]:
(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله فقال: «إني مما