أي فلا تدفع عاقلته دية لأهله؛ لأن مشروعية الدية أنها غرم عن الجناية، وحقها أن تكون في مال الجاني، وإنما جعلت على العاقلة تخفيفًا عن القاتل؛ ولذلك يكون دية الجراح في مال الجاني إذا كانت دون ثلث الدية الكاملة.
وحديث موت عامر بن الأكوع دليل على ما أراده البخاري؛ لأن الرواة لم يذكروا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بدية لأهله.
[باب من اطلع في بيت قوم]
ففقؤوا عينه فلا دية له [٣١: ٩، ٩]
جعل البخاري هذه الترجمة فقهًا، وهو تفقه بعيد، وليس في السنة ما يشهد له ولا يجوز للمطلع عليه إلا أن يسد المنفذ، وأما المطلع فتختلف أحوال تأديبه.
وقول أنس - رضي الله عنه -: (وجعل يَخْتِلُه ليطعنه) مُبْهم منه، ولم يَروِ أن ذلك وقع، وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[١٣: ٩، ١٥]: «لطعنتُ به في عينيْك» خارج مخرج التهديد، فلا يعارض الأدلة التي ثبت بها حرمة أطراف المسلم وجوارحه، ودفع المعتدي لا يكون بأكثر مما يردعه.
ثم إن المعتدى عليه إذا دفع بدفع مشروع فأصاب ما لا يقصد كان ذلك من باب قولهم: المأذون فيه لا يتغير بالسلامة، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو هريرة [١٣: ٩، ١٨]: «لو أن امرأً اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح»، أي بخلاف ما يقصد منه الإتلاف.