حاجتي فمر علينا بلال، فقلنا: سل النبي أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري، وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله فقال:«من هما؟ »). الحديث.
لا شك أنهما أرادتا من قولهما:«لا تخبر بنا رسول الله» أن لا يخبره أنهما تستأذنان للدخول عليه، ومنعهما من ذلك الحياء من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو كراهية أن تحرجا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن تشغلاه عن شؤونه، وليس مرادهما كتمان اسميهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهما فلعله ليعلم الحال التي لا يشتبه فيها الجواب بحالة غير مطابقة للجواب.
وفيه من الفقه أن من أدب المفتي أن يستثبت في بيان سؤال السائل حتى يقع الجواب على صورة واضحة لا تقبل الاشتباه.
وقد مضى في باب الزكاة على الأقارب [٢: ١٤٩، ٩] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أعلم باسمها قال:«ائذنوا لها» وأنه أفتاه مباشرة.
ولم يقع الكلام على المرأة الأخرى، لأن الجواب قد شملها، ولأن الحديث روي عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود، فاقتصرت على ذكر ما يختص بها.
* * *
[باب الاستعفاف عن المسألة]
فيه حديث أبي سعيد [٢: ١٥١، ١٨]:
(إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده، فقال:«ما يكون لي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله»). الحديث.
ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظتهم حتى نفد ما عنده، ليعلموا أنه ما أراد حرمانهم مما عنده، وإنما أراد تزكية نفوسهم بتربيتها على التعفف والقناعة؛ لأنه لو وعظهم قبل نفاد ما عنده لأعرضوا عن إعادة المسألة فكان سببًا في حرمانهم.
واعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينههم عن السؤال كما في أحاديث أخر، ولكنه