وقع فيه حديث عروة عن عائشة - رضي الله عنه -[٧: ١٧٧، ١٨]:
(أن رجلاً من بني زُريقٍ اسمه لبيد بن الأعصمِ سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى كان يُخيَّل إليه أنَّه يأتي النَّساء ولا يأتيهنَّ) الحديث.
هذا الحديث من مشكلات الآثار، ليس من جهة أنه يثير شكّاً في تبليغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - الواقع في مدة هذا السحر الذي أصابه؛ لأن العوارض البدنية لا علاقة لها بالاتصال النبوي في الوحي والتبليغ، وأن العالم وصاحب الصناعة يعتريه المرض في جسده والضعف في حافظته ولا يقدح ذلك في صحة ما يتذكره، وقد بسط عياض في «الشفا» كشف ذلك.
ولكن الإشكال في تسلُّط السحر على نفس الرسول – عليه الصلاة والسلام – وكيف ينال منه الساحر، وهو الذي علَّمه الله التعوُّذ من السحر وغيره، وهو القائل [٧: ١٧٩، ٣]: «من تصبَّح سبعَتمرات من عجوة لم يضره سحر ولا سُمِّ».
والروايات في هذا الحديث مضطربة؛ فأما ما في البخاري ففي رواية عيسى ابن يونس وأبي أسامة وأبي الزناد وهي أنها قالت له [٧: ١٧٨، ١٧]: (أفَلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ قال:«قَدْ عَافَانِي الله فكرهْتُ أنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاس فيِهِ شَرّاً»).
* * *
وفي رواية ابن جريج أنها قالت [٧: ١٧٨، ٤]:
(فأتى النَّبيُّ البئر حتَّى استخرجه ثُم دفنه)، ولعله توهم من ابن جريج، وإنما أتى رسول الله البئر ووجدها على الوصف الذي أريه في المنام ولم يخرج ما قذفه فيها لبيد بن الأعصم من السحر في البئر.
والذي يظهر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه مرض في مدة قارنه فيها محاولة لبيد ابن الأعصم أن يسحره، وأن الله بشره في المنام بالشفاء، وجعل له علامة على ذلك أن أطلعه على ما حاوله لبيد بن الأعصم، ليكون ذلك خاسئاً لليهود؛ إذ كانوا يرهبون المسلمين بأنهم يسحرونهم، وكانوا زعموا مبدأ الهجرة أنهم سحروهم، فلا يولد لهم حتى ولد للزبير ابنه عبد الله، وكانت تلك العلامة كعلامة نسيان