فيه حديث أنس عن سؤال عبد الله بن سلّامٍ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث [٤: ١٦٠، ١٩]:
(فقال عبدُ الله بنُ سلام: ذاك -أي جبريل- عدُو اليهود من الملائكة).
لا شك أن اعتقاد الأمة هو عنوان مقدار استقامة عقولها. وقد بلغ اليهود في أخريات عصور انقراض ملكهم وانصراف النبوءة عنهم دركًا عظيمًا من انحطاط العقول ظهر أثره البين في اختلاف عقائدهم.
ومن أعجب ذلك ما حكاه في هذا الخبر، فإنهم مع علمهم بأن جبريل ملك مقرب عند الله تعالى قد اتخذوه عدوًا لهم؛ لأنهم كانوا يجعلون المحبة والبغض تابعين لملاءمة الهوى، غير تابعين لكمال المحبوب ونقص المبغض، ولا لما في الكمال من المصلحة والنفع في العقبى؛ ولذلك كانوا قد قتلوا بعض أنبيائهم. ويقال: إنهم قتلوا زكريا أبا يحيى خيفة أن يدعو عليهم بما يضرهم، فبادروه بالقتل قبل أن يدعو عليهم، وكذلك بغضهم جبريل فإنهم زعموا أنه كان ينزل من عند الله بما فيه الشدة والأمر بالقتال، وأنه ملك الخسف والعذاب.
وقد ورد ذكر جبريل في سفر دانيال في الإصحاحين الثامن والتاسع. وذكر فيه أنه عبر لدانيال رؤيا رآها وأنذره بخراب أورشليم؛ ولعل ذلك من أسباب عداوة اليهود إياه؛ لأنه نذير هلاك، وهم مع ذلك يعتقدونه أفضل الملائكة المقربين عند الله. فهذا من اضطراب التفكير المسمى في علم المناظرة والجدل بفساد الوضع.
ونظيره كراهية بعض السذج من عامة المسلمين عزرايل ملك الموت ودعاؤهم عليه