فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٨: ٥١، ٨]:
«لا يقولنَّ أحدكم: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقست نفسي».
يظهر أن وجه كراهية لفظ الخبث دون مرادفه هو أنَّه قد شاع استعمال الخبث في القذر والنجاسة، فصار مشتملاً على كراهة السمع كما قالوا في قول الرضي:«مقاعد العُواد».
ولما كان المقصود من قول الرجل:«خبثت نفسي» الخبث المعنوي كان الأولى التعبير عنه بلفظ غير مشهور في الخبث الحسيِّ تباعداً عن الكراهة في السمع بقدر الإمكان.
هذا، والأظهر عندي أن (لقِس) ليس بمعنى خبُث، ولكنه بمعنى ساء، وهو سوء الخُلُق؛ فليس مرادفاً لِخبُث كما هو ظاهر كتاب لسان العرب؛ وبذلك يظهر وجه اختيار «لقست» على «خبثت».
* * *
باب اسم الحَزْن
فيه قول حزن بن أبي وهب [٨: ٥٣، ٨]:
(لا أغيِّرُ اسماً أسمانيهِ أبي).
قال ذلك لأنه علم أن مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله له:«أنْتَ سَهْل» أنه يريد تغيير اسمه، وأنه يخيره في ذلك ولم يعزم عليه، فكان له أن لا يقبل أفضل الاسمين، ولا يقدح ذلك في إيمانه ولا في أدبه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه حُرم بركة اسم اختاره له النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقول سعيد بن المسيب:«فما زالت الحُزونة فينا» علم سعيد أن تأثير مسمى الاسم في جدِّه كان تأديباً من الله له حيث أعرض عن الاسم المختار له فصارت الحُزونة خُلقاً له، وبقيت موروثة في بنيه.