ترجمةٌ مشكلةٌ؛ لأنها تقتضي أن الخمر لا يسمَّى بها إلا شراب العنب، والآثار التي أخرجها عقب الترجمة تقتضي خلاف ذلك.
فالوجه أن يكون سقط من الترجمة لفظ «وغيره» كما ثبت عند ابن بطال في نقل ابن حجر عنه، وبدون ذلك لا تستقيم التكلفات التي تكلفوها.
ومراد البخاري الرد على أبي حنيفة؛ إذ خص معظم حكم الخمر بشراب العنب، فاقتضى أنه لا يرى غيره خمراً.
* * *
باب الانتباذ في الأوعية والتَّور [٧: ١٣٨، ١٠]
اعلم أن الآثار الواردة في الانتباذ في الأوعية والأسقية والحنتم ونحو ذلك لا يظهر معناها إلا بعلم عادة العرب في النبيذ، وتلك أنهم كانوا ينتبذون البُسر والتمر والزبيب في الماء لشرب مائها عوضاً عن الماء القراح استعذاباً له وتطلباً للصحة من ذلك، وكان يلزم لحصول طعم الأشياء المنتبذة في الماء المنتبذ به زمن غير قليل، فكانوا يجعلون ذلك في الليل، كما دلَّ عليه حديث أبي أسيد الساعدي [٧: ١٤٧، ٩]: أنه دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرسه فسقت العروس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيذاً أنقعت له تمرات من الليل؛ ذلك أنهم يحبُّون أن يجدوا ذلك النبيذ في النهار يشربون منه، وكانت الأوعية الضيقة الأفواه والمطلية قد يسرع إليها الاختمار في مدة الليل في زمن الحرِّ، فلذلك نُهُوا عن الانتباذ في المزفَّت والحَنتم؛ لأنه مطلي، وفي الدُّبَّاء؛ لأن ذلك يسرع إليه الاختمار، وهو نهي تنزيه للاحتياط؛ لأن الاختمار حالة تظهر إذا حصلت في النبيذ؛ ولذلك رخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الانتباذ في الظروف والأسقية غير المزفتة بعد أن نهاهم عنها.