أشكل على الشارحين والمشتغلين بهذا الكتاب قوله:«هذا» لأنه لم يذكر الذي حدثه ببقية الحديث.
والظاهر أن البخاري سها فلم يعقب الحديث بذكر من حدَّثه ببقيته، وقد ذكر بعضًا منه في صدر كتاب الأطعمة [٨٧: ٧، ١٧]: عن يوسف بن عيسى عن محمد ابن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: (أصابني جَهْد شديد فلقيِتُ عمر بن الخطاب فاستقرأته آية من كتاب الله فدخل داره وفتحها عليَّ فمشيتُ غير بعيد فخررت لوجهي من الجَهْد والجوعِ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على رأسي فقال:«يا أبا هريرة»، فقلت: لبَيَّكَ رسولَ الله وسعْدَيْك، فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي فانطلق بي إلى رحله فأمر لي بِعُسٍّ من لبن فشربتُ منه، ثم قال:«عُدْ فاشرب يا أبا هرٍّ»، فعُدت فشربت ثم قال:«عُد»، فعدت فشربت حتى استوى بطني فصار كالقدح، قال: فلقيتُ عمر وذكرت له الذي كان من أمري وقلت له: تولى الله ذلك من كان أحقَّ به منك يا عمر، والله لقد استقرأتك الآية ولأنا أقرأ لها منك، قال عمر: والله لأن أكونَ أدخلتك أحبُّ إليَّ من حُمْر النَّعَم).
وذكر بعضًا منه في «باب إذا دعي الرجل فجاء» من كتاب الاستئذان، فقال [٦٧: ٨، ٢٠]:
(حدثنا أبو نعيم ثنا عمر بن ذرٍّ وحدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله أخبرنا عمر بن ذرٍّ أخبرنا مجاهد عن أبي هريرة قال: دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد لبنًا في قَدَح، فقال:«أبا هرٍّ الْحَقْ أهل الصفة فادْعُهم إليَّ»، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاسْتأذنوا فأذن لهم فدخلوا).
فتعين أن الحديث اختصره في كتاب الأطعمة وفي كتاب الاستئذان وطوَّله في كتاب الرقاق [١١٩: ٨، ١٧]، ويكون حدَّثه أبو نعيم معظمه، وحدثه يوسف بن عيسى ومحمد بن مقاتل بقيته، وهو حديث واحد؛ لأن في الجزء الذي حدثه يوسف بن عيسى ذكرَ ما أصابه من الجَهْد، وذكر استقرائه الآية من عمر، ودخوله