(قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين»).
جاء هذا الحديث من هذا الطريق- طريق ابن شهاب- تامًا أغر اللفظ؛ إذ وقع فيه:«فتحت أبوا السماء».
ووقع من طريق إسماعيل [٢: ٣٢، ٢٠]: «فتحت أبواب الجنة»، ووقع في رواية مسلم [٢: ٧٥٨، ٩]: «فتحت أبواب الرحمة». ولا أحسب لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا «أبواب السماء»؛ لأنه أشمل وأوجز، ولأنه يحاكي به قوله تعالى: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف: ٤٠].
والسماء في التعاليم الدينية هي مقر الخيرات الروحانية، والفيوضات الربانية، والتركيات النفسانية، فمعنى فتح أبوابها تهيئتها لاكتساب المؤمنين من خيراتها على حسب أعمالهم ومراتبهم ورضى الله تعالى عنهم بقبول أعمالهم ودعائهم ومكاشفة أرواحهم، فالأبواب استعارة لسوائل الوصول إلى الخير، والسماء حقيقة عرفية في مقر الخيرات وخزائن الرحمات؛ ولذلك كثر إثبات الارتفاع والصعود للفضائل؛ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠]، {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ}[المطففين: ١٨].
وليس المراد بالسماء الجنة، فقد دل على عدم قصدها عطف الجنة عليها في قوله تعالى:{تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ}[الأعراف: ٤٠]، وما وقع من الروايتين الأخيرتين من أبواب الجنة وأبواب الرحمة فهو من الرواية بالمعنى.
واعلم أن الذي دلت عليه عدة ظواهر من الكتاب والسنة أن الأجرام العلوية فوق هذا العالم ذات أسرار ومنابع خيرات وصلاح، ولأهل الإشراق أقوال كثيرة في هذا،