فيه قول عقبة بن عامر الجُهَني - رضي الله عنه -[١٨٥: ٨، ٥]:
(تعلَّموا قبل الظَّانِّين، قال البخاري: يعني الذين يتكلمون بالظن). اهـ.
فمعنى «قبل الظَّانين» قبل أن يوجدوا، كما يقال: كان هذا قبل المسيح، أي قبل وجوده، أي تعلموا العلم من السنن قبل أن يجيء ناس جهال يتكلمون في الدين بالظن، وقد عَلم أنهم يجيئون من إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، كما في حديث [٣٦: ١، ١١].
«إن الله لا ينزع العلم انتزاعًا ولكن ينتزعه بموت العلماء حتَّى إذا لم يبق عالم اتَّخذ النَّاس رؤوسًا جهَّالًا فأفتوا بغير علمٍ فضلُّوا وأضلُّوا».
والمراد بالظن في اصطلاح المتقدمين الرأي المخالف للدليل الشرعي، وهو الظن المسمى بالهوى، وقد تكرر في القرآن والسنة التحذير منه، وأما القياس على أصل شرعي فليس من الظن المذموم؛ فقد قاس أبو بكر الجدة للأب على الجدة للأم بطريق تحقيق المناط.
وأما إخراج البخاري حديث:«إيَّاكم والظَّنَّ» عقب كلام عُقْبة فللإشارة إلى المراد من الظن المذموم.
باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَا نُورَثُ ما تركناه صدقة»
فيه قول عائشة - رضي الله عنه -[١٨٥: ٨، ١٤]:
(جرته فاطمة).
أي لأنها كانت تؤول قول رسول الله:«لا نورث» بتخصيصه ببعض المتروكات دون نحو حظه من خُمُس المغانم والفيء، كما كان يتأوله علي والعباس، وقضى أبو بكر بما رأى من عموم الحديث، وإنما هجرته فاطمة مبالغة في إنكار تأويله؛ لأنها