باب {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ فأَرْدَاكُمْ} [فصلت: ٢٣]
وقع فيه قول ابن مسعود [٦: ١٦١، ١٣]:
(اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي؛ كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع ما نقول؟ وقال الآخر: يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا. وقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا).
وجه قلة فقه قلوب هؤلاء الثلاث:
أن أولهم: كان شاكًا في إحاطة علم الله بالواقعات.
والثاني: كان أجهل من الأول؛ لأنه قصر علم الله على الجهر من الكلام دون السر مع أن الجهر لا أثر له في ذلك.
والثالث: كان أقل منهما جهلاً؛ لأنه علم أن الجهر والسر سواء بالنسبة إلى علم الله؛ إذ ليس ثمة قرب مكان، ولكن قلة فقه قلبه أنه أبطل التفرقة بين الجهر والسر ولم يتوصل إلى الجزم بأن الله يعلم قولهم.
* * *
باب قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣]
فيه قول طاوس [٦: ١٦٢، ٧]:
(أن ابن عباس سُئل عن قوله: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣] فقال سعيد بن جُبير: قربى آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة).
قوله لابن جبير: «عجلت»، أي عجلت في الجواب عن غير تأمل فأخطأت.
وكان سبب عجلة سعيد أنه قد شاع بين العامة المتشيعين لعلي وابنيه - رضي الله عنهم - أن فهموا قوله تعالى: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣] أن الله أمر نبيه أن يوصي الناس بأن يودوا أقاربه.
وإنما عده ابن عباس عجلة مذمومة؛ لأنه لم يُجد النظر في موقع حرف (في) الذي هو للتعليل. وأن الخطاب للكافرين الذين تكرر الخطاب لهم في تلك السورة