أي لم تنسخ بوصية سكنى الحول، ولكن زيد عليها حكم الوصية بالسكنى، فإن الزيادة على النص ليست نسخًا كما هو قول الجمهور، وهو الحق خلافًا للحنفية.
* *
وقوله [٦: ٣٧، ٢]:
(قال ابن عباس: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها).
أي نسخت آية {وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ}[البقرة: ٢٤٠] سكناها عند أهلها في مدة العدة، فتعتد في بيت زوجها إذا أوصى لها ورضيت، أو لا تقبل فتخرج فتعتد حيث شاءت. وسمى هذا نسخًا بناء على أن الزيادة على النص نسخ؛ إذ ليس الاعتداد عند أهلها بثابت بنص ولكنه مجرد عمل، أو لأنه لما أقره عمل المسلمين تقرر حكمًا، فنسخ.
* * *
باب {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ}[البقرة: ٢٦٦]
(قال عمر - رضي الله عنه - يومًا لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيم ترون هذه الآية نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ}؟ [البقرة: ٢٦٦] قالوا: الله أعلم. فغضب عمر، فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم).
كان مما شاع عندهم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا كلمة:«الله ورسوله أعلم» كناية عن عدم علم المسؤول بما سئل عنه، كما ورد ذلك في أخبار كثيرة منها حديث خطبة حجة الوداع. فعل سبب غضب عمر - رضي الله عنه - من جوابهم بها أنه كان يرى تلك الكلمة لا تقال إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأدبًا وترقبًا للعلم المعصوم. فأما بعد رسول الله فلا وجه لجواب المسؤول بها؛ لأنه إن كان يعلم فليقل، وإن كان لا يعلم فليقل: لا أعلم.
ووجه عدم الاكتفاء منهم بها أن فيها احتمالاً أن يكون المجيب يعلم علمًا في شأن ما سئل عنه، ولكنه يجوز على نفسه الخطأ، فلذلك رام عمر منهم الصراحة بالعلم على ما هو عليه أو بعدم العلم، وبدون هذا لا يظهر وجه للغضب. وسكوت الشارحين عنه من العجب. وقد نقل عن أبي الريحان البيروني العالم الرياضي أنه قال: إن كلمة «الله أعلم» لا تدل على سابق في العلم.