إن أهل الفقه أجمعوا على أن ليس لأحد من المخاطبين في هذه الآية أن يعطي بعض من حضر قسمة الميراث شيئاً لا يملك هو أن يتصرف فيه، ولكنهم لما أشكل عليهم إطلاق الأمر بالإعطاء في الآية قال بعضهم برأيه: لعل هذا كان قبل شرع الميراث فإذا أوصى الميت بماله كان أولياء وصيته مأمورين أن يعطوا عند قسمة المال شيئاً لمن يحضر من قرابة الميت والمساكين والضعفاء بالاجتهاد تأنيساً لهم من انكسار رؤية الأموال تقسم في غيرهم، وقد كان من عادة العرب أن يوصوا بأموالهم لمن يعينونه، ويقيموا وصياً يتولى تنفيذ الوصية، وهو أصل اسم الوصي، وقد أوصى نزار بن معد بن عدنان بقسمة أصناف ماله بين أولاده: مضر، وربيعة، وأنمار، وإياد، وأقام الأفعى الجرهمي وصياً ينفذ وصيته، وكانوا ربما حرموا بعض قرابتهم وأزواجهم وبناتهم.
فلما نسخ الله شرع الجاهلية ابتدأهم بأن أمر متولي تنفيذ الوصية بأن يرزقوا من حضر القسمة تطييباً لخواطرهم، ثم شرع الميراث على حسب القرابة المبينة في آية المواريث، فنسخ الأمر بإعطاء من حضر القسمة، هذا وجه هذا القول، وليس في الآثار الصحيحة ما يشهد لوقوع هذا التدرج في شرع الميراث وهو محتمل، وما بينوا إجماله الذي سموه نسخاً إلا بمراعاة أحوالٍ شهدوها.
وقال بعضهم برأيه: لا حاجة إلى ادعاء النسخ، والآية مستقلة بمعناها، قابلة للعمل بمؤداها، وهو أن يكون الله أمر الورثة أن يعطوا من يحضر القسمة- من