للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد المرة التي يسلمون فيها لتلقي الشريعة وأخذ العطاء، وهو الجائزة، كما دل عليه قول وفد عبد القيس [٥: ٢١٣، ١١]: (إنَّا لا نصل إليك إلا في شهر حرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر). وبذلك يتضح ما يزيل إشكال بعض الشراح في التقاء أهل اليمن، وهم الأشعريون، مع وفد بني تميم كما في حديث الباب.

* * *

[باب حديث كعب بن مالك]

وقع فيه قول كعب بن مالك [٦: ٨، ٣]:

(يقولون: لتهنك التوبة).

فقوله: «لتهنك» هو -بفتح التاء الفوقية وسكون الهاء وكسر النون- مشتق من الهناء بالهمز الممدود، وهو ارتياح النفس والباطن بالأمر. يقال: هنئ وهنأ وهنؤ –بكسر النون وفتحها وضمها -والمضارع يهنأ ويهنؤ- بفتح النون وضمها- لا غير. والأصل فيه أنه فعل لازم، فيقال: هنئ لي الطعام، ثم توسعوا فيه فحذفوا الجار ووصلوا الفعل لكثرة الاستعمال على سبيل الحذف والإيصال فقالوا: هنأني الطعام، وهنأني الخبر، أي كان لي هنيئًا. ويقولون في الدعاء: ليهنئك الأمر، أي ليكن لك هنيئًا. ومن كلام العرب في التهنئة بالمولود: ليهنئك الفارس. فتبين لك أن أصل الفعل الهمز ثم إن العرب خففوا الهمزة بعد الكسر فجعلوا مكان الهمزة ياء، فقالوا: ليهنيك، بإظهار الياء بعد النون؛ لأنها عوض عن الهمز وليست ياء المنقوص فلا تحذف للجازم، ولذلك قال صاحب اللسان: «ولا يجوز: ليهنك، كما تقول العامة»، أي بحذف الهمزة. والصواب: أن العرب إذا حولت الهمزة في آخر الفعل إلى حرف علة أنهم يعاملونه معاملة الفعل المعتل فيحذفون حرف العلة عند الجزم كما ثبتت الرواية هنا «ليهنك» بدون ياء وجهًا واحدًا.

* * *

[باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر]

فيه حديث سالم عن ابن عمر [٦: ٩، ٨]:

(لما مر النبي بالحجر قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن

<<  <   >  >>