تنازلاً لأجل تحصيل العمرة ودخول مكة بأصحابه لما في ذلك من الصالح، على أن تلك الشروط ليس فيها ضرر على المسلمين؛ لأن الشرط الأول لا ضير فيه؛ إذ لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مظنة للغدر بهم بعد دخول مكة.
والشرط الثاني قد كان حاصلاً من قبل، فإنهم كانوا يمنعون من أراد الهجرة إلى المدينة منهم فليس في اشتراطه ما يزرأ المسلمين شيئًا.
وأما الشرط الثالث فقد يثير إشكالاً؛ إذ فيه ذريعة إلى إعانة من يريد الارتداد أو ترك الهجرة. ودفعه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم من صدق إيمان أصحابه وبيعتهم إياه تحت الشجرة من قبل أن أحدًا منهم لا يرتد عن الإسلام ولا يترك الهجرة.
إنما تباطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخروج عند مضى الأجل؛ لأن ذلك من حقوق المشركين، فلو رضوا أن يزيد فيها بعد مضي الأجل لزاد؛ لأنه في قربة فلا يقطعها حتى يرى منهم العزم على تنفيذ الأجل الذي اشترطوه فيوفي لهم بالعهد حتى لا يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصرفًا عن تلك القربة من تلقاء نفسه. وهذا معنى شريف في الاعتذار إلى الله من ظلم أهل مكة ومنعهم المسجد الحرام وما كانوا أولياءه، وإقامة للحجة عليهم عند الله وعند الناس.
* * *
باب قول الله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ}[التوبة: ٢٥]
قول البخاري [٥: ١٩٦، ٣]:
(حدثنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن عمر ... ) إلخ.
هكذا وقع في معظم الروايات من الصحيح، فهو حديث منقطع. قال الشارحون: ووقع في الفرع «عن نافع عن ابن عمر».
وأقول: هو غير صواب؛ إذ لا خلاف أن الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو عمر لا ابن عمر،