فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٧: ١٢٠، ٢٠]:
(«اعجَلْ أوْ أرِنْ»).
إن كانت (أو) من كلام الرسول، كما هو الظاهر، كان هذا التركيب جارياً مجرى المثل أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ويحتمل أنه تمثل بها، ويتعين حيئنذ أن يكون معنى «أرِنْ» ضد معنى «اعْجَل»، فيكون بمعنى أَبْطِئْ، ويكون الكلام خطاباً لرافع بن خديج؛ لأن سؤال دلَّ على أنهم يُحبُّون أن يتعجلوا ذبح ما ينالونه من المغانم، وأنهم أظهروا ذلك للرسول - صلى الله عليه وسلم - تطلباً للرخصة منه في الذبح بما تيسر إذ ليست معهم مُدى.
وفي كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هذا ضرب من التعجب من حرص السائل وعجلته، فالمعنى: سواء عجلت أو أبطأت، فالحكم لا يختلف لأجل ذلك بما أنهر الدم فاذبح به وكُلْ، فيكون «أرِنْ» مشتقّاً من الريْن بمعنى الغَشْي؛ لأن في الغشي ثقلاً، وتكون الهمزة بمعنى الصيرورة، أي تصير ذا رَيْن كذي الغشي، أي مبطئاً متثاقلاً.
وإن كان حرف (أو) شكّاً من الراوي، كما استظهره النووي وهو بعيد؛ فـ «أرِنْ» بمعنى «اعْجَلْ»، فالراوي يتوخى اللفظ النبوي، والمعنى: أعجل للذبح بكل ما يسرع بقطع الحلقوم والأوداج. ويكون الكلام إيماء إلى وجه النهي عن الذبح بالسنِّ والظفر.
وقد وقع اضطراب عظيم في تحقيق معنى هذا اللفظ، كما ذكره عياض في المشارق، والخطابي في شرح أبي داود وابن الأثير في النهاية، وقد علمت التحقيق فاسلك سواء الطريق.
* * *
[٧: ١٢٠، ٢٠]«ما أنْهَرَ الدَّم وذُكر اسمُ الله عليهِ فكل ليس السنَّ والظُّفرَ».
الظاهر أن الاستثناء متصل، أي أن السنَّ والظفر مما أنهر الدم، ولكنهما نهِيَ عن الذبح بهما.