السنة تتخالف بالزيادة والنقصان على التعاقب، فإذا كان أحد الأشهر تسعة وعشرين كان الشهر الموالي له ثلاثين، وهذا مطرد في كل شهر كيفما ابتدئ حساب الأشهر؛ لأن في حساب ظهور الأهلة كسرًا تجتمع منه ليلة شهرًا غب شهر.
فيقتضي هذا أن العالم بحال أحد الشهرين رمضان أو ذي الحجة يغني عن تطلب رؤية الهلال للشهر الأخر.
ولولا احتمال تعلق الزيادة بالأجر لوجب المصير إلى هذا الضابط.
وأرى أن يجعل هذا أصلاً في تكذيب شهادة من يشهد برؤية الهلال على ما يخالف هذا الضبط على نحو ما قال مالك:«إن لم يُر هلال الشهر الموالي لشهر الصوم بعد ثلاثين صحوًا كذب شاهدًا رؤية هلال ذلك الشهر».
* * *
باب من زار قومًا فلم يفطر عندهم
وقع فيه قول أم سليم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -[٣: ٥٣، ١٨]:
(إن لي خويصة، قال:«ما هي؟ » قالت: خادمك).
«الخويصة» - بضم الخاء وتشديد الصاد: تصغير خاصة، وهي الصفة أو القضية أو الحادثة التي تخص المرء، ومعنى تخصه تهمه ويكثر تفكره فيها أو ترددها عليه، والتزموا التأنيث فيها على تأويلها بالخصلة أو نحوها.
فالمعنى: أن لها شيئًا يختص بها ويهمها؛ ولذلك قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما هي؟ »
وقولها:«خادمك أنس»، أي شأنه وجاله، فهي تطلب صلاح حاله بدعائه - صلى الله عليه وسلم -.