وهذا المعنى هو الذي يشرح ما وقع في بعض الروايات أن إبراهيم يعلم أطفال المسلمين فيحمل على هذا المعنى من التعليم، ولا أدري الآن صحة هذه الزيادة فحققها أنت.
* * *
باب ما ينُهى من سب الأموات
وقع فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -[٢: ١٢٩، ١٤]: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا».
فقوله:«فإنهم قد أفضوا» إلخ، الفاء فيه للتعليل، فما بعدها تعليل للنهي عن سب الأموات.
ووجه المناسبة بين العلة والمعلل: أن السب لا يقصد منه شرعًا إلا زجر المسبوب عن فعل منهي عنه، فلا سب المسلم المسلم إلا لغيرة على الدين أو قصد تربية عما لا يحسن من الأفعال، وليس السب للتحقير والتشفي بمشروع، ولذلك كان الموت حائلاً دون حصول المقصود من السب.
وقوله:«أفضوا إلى ما قدموا» أي بلغوا إلى جزاء أعمالهم، وليس المخبر عن حال من مات في عدالته ودينه وعمله من السب، بل ذلك من الجرح والتعديل.
وفيه فوائد جمة في التحذير من الوقوع في مثل ما وقع فيه، فقد جاء في الصحيح [٢: ١٢١، ١٨]: «من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار»، أي من وصفتهم حاله بما يوافق ما كان عليه في أمور دينه.