للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقلل ذلك من تأملهم في الفوز بالنجاة بالإسلام؛ لأن كثيرًا من الآباء يهتم بمصير أبنائه أكثر ما يهتم بمصير نفسه.

وقوله: «إذ خلقهم» (إذ) فيه تعليلية، أي أنه اعلم بهم، فهو خالقهم، كقوله تعالى: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}، [الكهف: ٢١] ويدل لذلك ما رواه أحمد عن ابن عباس: «ربهم أعلم بهم هو خلقهم وهو أعلم بما كانوا عاملين».

* *

ووقع فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤياه [٢/ ١٢٧، ٣]: «والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم - عليه السلام - والصبيان حوله فأولاد الناس».

* *

ووقع في كتاب التعبير في هذا الحديث من رواية عوف عن أبي رجاء عن سمرة: [٩: ٥٨، ٣]:

(«وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم - عليه السلام - وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة» قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأولاد المشركين»).

وهذا يفسر معنى قوله في رواية جرير بن حازم عن أبي رجاء عن سمرة: «أولاد الناس»: أنهم أولاد جميع الناس الذين يموتون في سن الصبا؛ وذلك لنماء معنى الفطرة فيهم، وإبلاغهم مبلغ أهل الفضائل والكمال منهم، على مراتب يعلمها الله تعالى، ويقدرها بحسب ما أودع فيهم من مقادير صفاء القوى النفسية، فكونهم عند إبراهيم الخليل - عليه السلام - هو كون استمداد وتلق لإفاضات روحانية تفيضها عليهم روح الخليل تزكية لهم وترقية؛ كيلا تفوتهم مراتب الكمال التي هي أكبر النعم فيستعدوا بها لمزاولة النعم الأخروية ودرجاتها.

والظاهر أن هذا التلقي بتطور أطوارًا مناسبة لآماد الأعمار المعروفة في الدنيا، ولم يبين في السنة هل تكون هذه الكفالة مستمرة أم تنتهي عند أمد محدود، فيجتاز بهم إلى مجاز الأرواح الكاملة ويخلفهم غيرهم عند إبراهيم من الأطفال المتوفين بعدُ؛ وهكذا لأن اللفظ النبوي لم يقتض استغراق جميع أطفال المسلمين في وقت واحد.

* * *

<<  <   >  >>