زيادة «وأنا كاره» انفرد بها صالح بن كيسان عن الزهري، وهي غير موجودة في رواية معمر عن الزهري، ولا في رواية شعيب عن الزهري.
وشرحها القسطلاني وحده دون ابن حجر والعيني وزكرياء والكوراني. فقال:«وأنا كاره ذلك يوم فتح مكة، ثم حسُن إسلامه وطاب قلبه»، ولعل مراد القسطلاني بقوله:«ذلك» الإسلام، فيكون المعنى: وأنا كاره الإسلام.
وهذا لا يليق؛ لأن أبا سفيان لما أسلم لم تبق فيه كراهية للإسلام، والظاهر أنها عبارة غير مضبوطة الموقع، وأن موقعها عقب قوله:«بأن أمره سيظهر» قصد منها العبرة بحصول الهدى من الله تعالى في قلبه بعدما كان يكرهه، كما قالت هند بنت عتبة:«يا رسولَ الله ما كان أهلُ خِباء أحبَّ إليِّ أن يذلِّوا من أهل خبائك، واليوم ما أهل خباء أحبُّ إليِّ أن يَعزُّوا من أهل خبائك»[٥: ٤٩، ١٧] و [٩: ٨٢، ١٧].
ويدل عليه ما رواه الطبراني عن عبد الله بن شداد عن أبي سفيان قوله:«فما زلت مرعوباً من محمد حتى أسلمت». ذكره ابن حجر في كتاب بدء الوحي (١).
وكأن أبا سفيان أراد تصديق قول هرقل [١: ٦، ١٤]:
(وكذلك الإيمان حين تخالط بشتاته القلوب. فيكون جملة «وأنا كاره» في موضع الحال من ضمير المتكلم في «ما زلت»، أ] هو مستيقن ذلك وكاره ظهور أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولك أن تجعلها حالاً مقارنةً من ياء المتكلم في قوله:«قلبي»، أي: ثم زالت الكراهية. وقرينة ذلك أنه جعل إدخال الله الإسلام متعلقاً بقلبه، وذلك لا يجتمع مع كراهية الإسلام وإلا لما دخل قلبه، بل لسانه وقوله.